كعادتهم، يتسابق التجار والصناعيون لاستغلال أي حدث أو حراك حكومي بكل ما أوتوا من صراخ وندب ولطم، لقلب كفة هذا القرار العام أو ذاك لمصلحتهم الشخصية الضيقة على الرغم من يقينهم التام ومعرفتهم عز المعرفة أن كل ما قاموا به بالأمس وسيقومون به في قادمات الأيام ما هو إلا سراب لن ينالوا به لا عنب إلغاء المرسوم التشريعي رقم 8 الخاص بالتجارة الداخلية وحماية المستهلك، ولا بلح تخفيض أو إعادة النظر بالتعرفة الكهربائية الجديدة.
وباعتبار أن بعض لا كل الصناعيين يعرفون حق المعرفة أكثر من غيرهم بكثير أن ورقة ارتفاع فاتورة التكاليف وما لف لفها من حجج وأعذار واهية، قد تكون في يوم ما، وظرف ما، وتوقيت ما، رابحة، لكنها اليوم “اليوم بالتحديد” ورقة خاسرة بامتياز، لأن القاصي والداني يعلم أن كل قرش يدفعه الصناعي “محروقات ـ كهرباء ـ ضرائب ورسوم ـ تأمينات العمال إن كانوا مسجلين ..” يتم تحميله “وبكبسة زر” على سعر المنتج النهائي لأي سلعة أو مادة كانت، عملاً بقاعدتهم الأساسية وبوصلتهم الرئيسية القائلة “التجارة شطارة فيها فقط الربح دون الخسارة”.
نعم كل الجعجعة التي حدثت مؤخراً، وكل الأصوات التي تعالت خلال الأيام القليلة الماضية، مصدرها أشخاص مؤمنون بالسر لا بالعلن أن الفاتورة “الحقيقية لا الخلبية” لإنتاج الكيلو واط ساعي اليوم هي 2200 ليرة سورية، والدولة تبيعها “بسعر مدعوم” للصناعيين المشتركين على الخطوط المعفية من التقنين بسعر 1900 ليرة سورية، أي بفارق 300 ليرة سورية “عداً ونقداً” لكل كيلو واط ساعي عن سعر التكلفة الرسمي، وما بين 800 إلى 900 ليرة سورية للكيلو واط ساعي للخطوط غير المعفاة من التقنين، أي بجرعة دعم مضاعفة، وبهوامش ربحية تقل عن الصفر بمئات الليرات السورية.
هذه التناقضات والممارسات والمناورات الفجة التي يمارسها البعض من دون خجل، مصيرها كمصير الهباء المنثور في الهواء، كونهم يعلمون .. ويعلمون .. ويعلمون أن الدولة القوية – المنتصرة التي لم تبخل في يوم من الأيام بدعهما وتسهيلاتها وامتيازاتها وإعفاءاتها لكل لا لبعض الصناعيين والتجار والمستوردين والمصدرين..، لن تترد اليوم وغداً في تقديم المزيد من جرعات الدعم للجميع بمن فيهم أولئك الذين يرفضون وبالمطلق إماطة اللثام لأي جهة كانت، أو الاقتراب ولو قيد أنملة من بئر الأرقام الصحيحة والدفاتر الحقيقية لا السرية لتكاليفهم الخلبية وأرباحهم الفلكية غير المباحة ولا المشروعة.
السابق
التالي