الثورة – فؤاد مسعد:
تطلّب جلاء المستعمر الفرنسي عن سورية الكثير من التضحيات وتقديم الشهداء قرابين على مذبح الاستقلال والكرامة، وكان المقاومون والثوار يسطّرون ملاحم البطولة عهدهم الانتصار لوطنهم متسلحين بإرادة صلبة للنضال تحت راية اللحمة الوطنية والتلاحم الشعبي والسعي لدحر المستعمر. هذه الصورة النبيلة التي قدمها المناضلون السوريون انعكست بشكل او بآخر ضمن أعمال فنية حملت فيما حملت معانٍ خالدة مُتجددة، جسدت معاني البطولة والشهادة وأظهرت أهمية المقاومة ومكانة سورية وعراقتها، وحملت قيماً وطنية كبيرة راصدة الكثير من المواقف البطولية وصولاً إلى الجلاء .
شكّلت فترة الاحتلال الفرنسي ومقامته من قبل الشعب والقوى الوطنية وصولاً إلى الاستقلال مادة دسمة للعديد من الأعمال الدرامية التلفزيونية التي ذهبت باتجاه حكايات تقص في أحد أركانها قصص النضال ضد المستعمر الفرنسي، وجاءت إما كمحور أساسي وعمود فقري للعمل، أو أتت واحدة من الخطوط الدرامية المتعددة فيه، أو بقيت ضمن إطار الخلفية التاريخية للأحداث الاجتماعية التي يتناولها مسلسل تجري أحداثه في تلك الفترة الزمنية.
اندرج جزء من تلك الأعمال ضمن إطار المسلسلات التي تدور في أجواء البيئة الشامية، ومنها ما ابرز دور المقاومين في دحر المستعمر وكيف كانوا يؤمنون السلاح والصراع مع العملاء والمتعاملين مع الفرنسي، إضافة إلى إظهار البطولات الفردية والجماعية، وقليلاً ما كان يظهر في تلك الأعمال شخصيات حقيقية كان لها دورها الحقيقي والفاعل في ذلك الوقت، وإن ظهرت فتبقى ضمن خلفية الأحداث، ونذكر من تلك المسلسلات على سبيل المثال “أبو كامل، خاتون، طوق البنات، باب الحارة، بروكار، طاحون الشر،..” وغيرها الكثير.
كما سعت أعمال قليلة إلى توثيق تلك المرحلة درامياً من خلال حكايات تعكس طبيعة الحياة السياسية والنضالية والإنسانية والاجتماعية في تلك الفترة، ومن أهمها مسلسل “حمام القيشاني” بأجزائه الخمسة إخراج هاني الروماني وتأليف دياب عيد، والجزء الثاني من مسلسل “إخوة التراب” إخراج نجدة أنزور وتأليف حسن م.يوسف.
كما برز في الموسم الدرامي الأخير مسلسلان الأول بيئة شامية بعنوان “بيت أهلي” إخراج تامر اسحاق وتأليف د.فؤاد شربجي، أما المسلسل الثاني فهو “تاج” إخراج سامر البرقاوي وتأليف عمر أبو سعدة، والذي سعى إلى المزج بين التوثيق والدراما في الكثير من الأماكن متكئاً على حكاية درامية مظهراً من خلالها السعي إلى مقاومة المستعمر من خلال الحراك النضال والسياسي والثقافي.
ومن المسلسلات التي تناولت هذه الفترة الزمنية من عدة زوايا ضمن حكايتها الاجتماعية، مسلسل “أيام الغضب” إخراج باسل الخطيب وتأليف محمد قارصلي، ويحكي عن رجل أراد أن يعيش حراً، فقرر أن يستقطب أهل بلدته ويُحيي بداخلهم أسمى القيم الوطنية والإنسانية لمواجهة الواقع الجديد الذي يفرضه الاحتلال الفرنسي عليهم. وهناك مسلسل “ملح الحياة” إخراج أيمن زيدان وتأليف حسن م.يوسف، وفيه يقتل الأستاذ وهيب جندياً فرنسياً خلال مظاهرة مناهضة للاحتلال الفرنسي، ويحكم عليه بالنفي ليغيب عدة سنوات ثم يتمكن من الهرب ليعود إلى بلده. أما مسلسل (نهاية رجل شجاع) إخراج نجدت أنزور وسيناريو حسن م.يوسف ومأخوذ عن رواية للكاتب حنا مينا، فيحكي عن شاب قوي البنية تتطور شخصيته باتجاه تصاعدي ضمن المقاومة الوطنية للاستعمار الفرنسي لتجعل منه وطنياً يحلم بالحرية والحياة.
ولدى العودة إلى الوراء قليلاً نجد أن هناك العديد من الأعمال التي سلطت الضوء على فترة الاحتلال الفرنسي مظهرة سبل النضال ضده والوقوف في وجه جبروته والرفض الشعبي لوجوده، ومنها “رجال وضباب” إخراج جميل ولاية وتأليف رضوان عقيلي، “بسمة الحزن” إخراج لطفي لطفي وسيناريو رفيق الصبان عن رواية بنفس العنوان للكاتبة ألفة الإدلبي، وهناك مسلسل “هجرة القلوب إلى القلوب، ومسلسل “البسطاء” إخراج سليم صبري.
ومن الأعمال التي تعود إلى ستينيات القرن الماضي نذكر “فجر الاستقلال” إخراج هاني الروماني، “الدقائق الخطرة” إخراج رياض ديار بكرلي، “بائع الحليب” إخراج قسمت طوران. كما قدمت مجموعة من التمثيليات والسهرات التلفزيونية من بينها : “الغضب” و “المساومة” وهما من إخراج غسان جبري، “الجسر” إخراج محمد بدرخان وتأليف الياس ابراهيم الذي كتب أيضاُ “الوصية” إخراج نبيل شمس .