الثورة – آنا عزيز الخضر:
انتصر الحب دوماً في التاريخ الإنساني في كل الحاﻻت، ولولاه لخسر الإنسان حقيقته الراسخة، وعالم المسرح بخصوصيته تجذبه تلك الحاﻻت الأكثر بلورة لجماليات الطبائع الإنسانية المثلى..
من هنا جسدت بعض النصوص العالمية، التي تحمل هذه المعادلة الغنية قبلة للمبدع في كل مكان من بقاع الأرض، من تلك النصوص كان نص” الدب” لـ “تشيخوف”، وقد أعيد لمئات المرات على مسارح العالم، بكونه يعالج حالة ﻻ يخفت بريقها، ترافق الإنسان على مر الزمان.. ألا وهي حالة الحب، الذي يحقق بحضوره النقاء والتسامج والتفاهم، وكل ما هو جميل للبشر..
العرض إخراج “محمود عبد الباقي”، ويروي العرض “الدب” حكاية أرملة، أقسمت على الوفاء لزوجها المتوفى، والتمسك بالإخلاص له، يصل أحد الدائنين، كي يطالبها بالديون المترتبة على زوجها، ويطلعها على سندات مالية، لكن الأرملة تطالبه بالانتظار، حتى يحضر المسؤول القانوني، وأخبرته بأنها لا تملك المال المفروض أن تعطيه إياه، أما الدائن يصر على استرداد أمواله، ويبدأ الصراع والنقاشات والمكاشفات الكثيرة لأوضاع وحاﻻت كل منهما… فتتجلى معاناة إنسانية كبيرة، يتم البوح بها تلقائياً، وتظهر المأساة المخبوءة، ليتسلل التعاطف تجاه الحاﻻت الإنسانية المتعددة بين الطرفين..
حول العرض تحدث المخرج محمود عبد الباقي قائلاً:
يتحدث العمل عن حكاية أرملة شابة، أرادت أن تبقى على الوفاء لذكرى زوجها المتوفى، وبينما هي تجدد عهدها لشريكها، يصل من يطالب بإيفاء الدين عنه، لكن الأرملة الشابة تطلب منه الانتظار، فهي لا تملك نقوداً تعطيه لكن الرجل فظ الطباع، يصر على استرداد نقوده على الفور، ما يضعه في مواجهة مع الأرملة الجميلة. وتحدث المشادات وسرديات تحمل تبريرات منطقية مقنعة، ﻻ تعد وﻻ تحصى، إلى أن يجد كل منهما الطرف الآخر في حالة من المأساة، ويحدث التسامح، الذي استحضره الإحساس بالآخر، رغم صراعهما، ليبدو أن الحوار والمكاشفة تعبد الطريق أمام الأحاسيس الإنسانية الجميلة، حيث ﻻ غنى للبشر عنها.