الثورة – رنا بدري سلوم:
التعطّش للثقافة والموسيقا والغناء والأداء التمثيلي، جعل الحضور يحتشدون في ثقافي أشرفية صحنايا بريف دمشق، ضاقت عليهم مساحة المكان بما رحبت، فضجّت الحياة من حناجر صغارها المبدعين وأنامل عازفيها وأدوارهم التمثيلية الخلّاقة في يوم ينتظرونه ويتحضّرون له مرّة كل عام.
المسرح المدرسيّ هو اللبنة الأولى لصناعة فنان وعازف وممثل، وهو ما تؤكد عليه وزارة التربية في خطّتها السنويّة بإشراف كوادر مؤهّلة متخصّصة وأساتذة كانوا يوماً طلّاباً على هذا المسرح.
بدأ العرض المسرحي في ثقافي الأشرفيّة بالفنون الشعبيّة الراقصة لطلاب مميزين في مرحلتهم التعليميّة الأولى، فرقصوا على وقع أغان تراثيّة للمنطقة الجنوبية والجولان وجبل العرب بإشراف مدرّبات الفنون الشعبيّة الراقصة: رولا علي محمد وريما أبو زيد وهبا سعد الدّين، واللاتي درّبن الطلاب تدريبات أسبوعيّة على مدار العام وعملن على كسر حاجز الخوف عند الأطفال والصعود على المسرح بطلاقة لإظهار أجمل العروض بطريقة محترفة رغم أعمارهم الصغيرة.
وفي نقلة نوعية، نقلنا الطلاب الممثلين المبدعين إلى أجواء العرض المسرحي الغنائي “بيت بيوت” تأليف النّص والأغاني وتدريب المدرّبة سوسن ورور، تحدث النص عن كل ما يدور بين جدران الأسرة من مشكلات عائليّة وفوارق نفسيّة يتعرض لها الطالب في سن المراهقة، إضافة إلى مشكلة التسرّب المدرسي ورفقة أصحاب السوء، مرافقاً العرض أغنية “راح يجننوني” إضافة إلى أغنية “بابا رد عليّ” ووصف حالة التشاركية بين الأم العاملة ورب الأسرة المتعاون.
فرَد العرض التمثيلي خلال دقائق قليلة مشكلات اجتماعية بأسلوب فنّي أتقن الطلاب في إيصاله لنا بطريقة مبدعة وجذّابة تأثّر معها الحضور.
وبعدها صدحت حناجر الكورال برفقة العازفين بأغاني “يا أنا أنا وياك، وأمي كم أهواها” وغيرها.. إضافة إلى العزف المنفرد لعازفات على آلات الكمان والإيقاع والأورغ بإشراف المدربتين أمل عبود، وعبير الخوالدي والتي بيّنت في تصريحها لصحيفة “الثورة” أن هذه العروض هي نتيجة تدريبات أسبوعيّة مستمرة لخلق كورال فنّي موسيقي محترف، وهو مسؤوليتهم كمدربين لقرابة مئات الأطفال بين عازف ومغنّي على مستوى ريف دمشق، وهو ما نحمله على عاتقنا في تهيئة كوادر مميزة، داعية الخوالدي الجميع من موسيقيين وأهالي ومعنيين في الشأن الثقافي والتربوي للتعاون في إنجاح العرض السنوي الذي ينتظره الأطفال بفارغ الصبر.
وعلى هامش العرض صرّح رئيس دائرة المسرح المدرسي بتربية ريف دمشق قاسم الخالد لـ”الثورة” أن الجولة تلك، كانت بإشراف دائرة المسرح المدرسي في وزارة التربية بحضور رئيس الدائرة ريم شالاتي لتقييم مدربين في مسرح ريف دمشق، والتي بدأت جولتها من التاسعة صباحاً من مناطق قدسيا وجبل الورد وجديدة عرطوز وصحنايا والكسوة استكمالاً في يوم غد مناطق الريف لما له من مساحة واسعة.
لم تقتصر الجولة على ريف دمشق وحسب بل شملت المحافظات على مستوى القطر منذ بداية الشهر حتى نهايته، مؤكداً الخالد على حضور ما قدّمه مدربو المسرح المدرسي خلال الخطّة المدرسية التي وضعتها وزارة التربية، لخلق جيل واع ومثقف يسعى إلى إيصال رسالة فنيّة سامية من تمثيل وموسيقا وغناء، وهو ما سعت إليه وزارة التربية بالتعاون مع وزارة الثقافة بفتح أبواب المراكز الثقافية للعرض المسرحي المدرسي، مؤكداً الخالد على خلق بيئة مناسبة وتأمين الأدوات اللازمة في تهيئة المكان المناسب ليتّسع للعروض المسرحية الراقصة.
من جهته بيّن مشرف قسم المسرح المدرسي الفنان إياس أبو غزالة تفاؤله بهذا الجيل المتعطّش للفن المسرحي الغنائي الرّاقص وهو ما يفرح القلب ويدعو للتفاؤل بالانتماء إلى المسرح الذي يحتاج دائماً للاهتمام والدعم لينبض بالحياة ويكون مرآة عاكسة لها.