الثورة – عبد الحميد غانم:
“خير المطالع تسليم على الشهداء
أزكى الصلاة على أرواحهم أبداً”
افتتاحية فرضتها تحية الشهيد والوقوف بإجلال واحترام على أرواحهم الطاهرة واستحضار قدسية التضحية وسخاء البذل لأكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر، الذين سطروا تاريخ المجد بدمائهم وصنعوا المستقبل بتضحياتهم مكرسين حالة وطنية تعبِّر عن تمسك السوريين بأرضهم والدفاع عنها لتحقيق النصر أو الشهادة.
السادس من أيار، يوم أغر في تاريخ سورية تحيي فيه جماهير شعبنا ذكرى عيد الشهداء تقديراً لتضحيات قوافل الشهداء الذين رووا تراب الوطن بدمائهم الطاهرة في سبيل صون كرامته والحفاظ على سيادته.
إحياءُ ذكرى عيد الشهداء، يرتبط بدلالاته الوطنية وأبعاده الإنسانية بقيم التضحية في سبيل الوطن والبطولات التي اجترحها أبناؤه الغيارى في مواجهة الاستعمار وقوى العدوان منذ الاحتلال العثماني، ثم الاحتلال الفرنسي، والاحتلال الصهيوني، وحتى يومنا في مواجهة الحرب الإرهابية التي تشن على وطننا منذ ثلاثة عشر سنة.
الاحتفاء بهذه المناسبة له وقع خاص على قلوب السوريين وتعبيرهم الصادق عن الروح الوطنية الراسخة والمبنية على أسس من الوفاء والعطاء والمحبة المتجاوزة حدود الزمان والمكان.
الشهيد هو الإنسان العظيم الذي عاهد فصدق… دعاه الوطن فأسرع .. قاتل فاستبسل.. قارع العدو فأبدع.. ومن أجل أن ينتصر الوطن والأمة قرر الشهادة واستشهد.
إن تكريس أنبل القيم وأعظم مستويات العطاء تجسده الشهادة قيمة سامية في نفوس السوريين، مستحضرين ذكرى شهداء السادس من أيار عام 1916 الذين أعدمهم جمال السفاح العثماني.
حينها حاول المحتل العثماني عبثاً خنق صوت المناضلين وأوعز إلى سفاحه جمال ليكمم أفواههم، وفي عام 1916 وبعد حملة من الاعتقالات والبطش في دمشق وبيروت ساق السفاح 14 من المناضلين إلى “أراجيح الموت” كما وصفها أولئك الأبطال بساحتي البرج في بيروت والمرجة بدمشق.
وتتالت قوافل الشهداء خلال فترة النضال ضد الاستعمار الفرنسي من ميسلون إلى الجلاء وصولاً إلى شهداء الجيش العربي السوري في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب تشرين التحريرية ومعارك الدفاع عن عروبة لبنان ضد العدو الصهيوني وقوافل شهداء الحرب على الإرهاب.
إن قوافل المجد التي ارتقت إلى العلياء من أبناء الوطن دفاعاً عن ثراه الغالي استمرت بعد انكسار شوكة العثمانيين وجلاء المحتل الفرنسي عن أرض الوطن عام 1946 وتجسدت في مدرسة الشهادة والنضال التي وضع ركائزها القائد المؤسس حافظ الأسد، ونشأت في سياقها المقاومة التي هزمت كيان العدو الإسرائيلي في لبنان عام 2000، ثم عام 2006 وقوت أكثر طلائع المقاومة الفلسطينية لاسيما في مواجهة العدو في فلسطين وقطاع غزة.
فغدت سورية محوراً مفصلياً في جبهة المقاومة للتصدي للمشروع الأمريكي – الصهيوني في المنطقة تلا ذلك مواجهة الشعب السوري للحرب العدوانية الإرهابية، والذي رسم من خلالها طريق النصر المؤزر بدماء الشهداء وتضحيات جيشنا الباسل وصمود شعبنا بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد.
السوريون ماضون اليوم بالسير على الطريق نفسه طريق الشهادة دفاعاً عن وحدة سورية واستقلالها، وكما روى شهداء السادس من أيار ساحة المرجة دفاعاً عن عروبة سورية في مواجهة الغازي العثماني، هاهم أحفادهم اليوم الذين سطروا أروع البطولات في مواجهة الإرهاب التكفيري وأدواته الإجرامية وهم مستعدون لتقديم أرواحهم ودمائهم على محراب حرية الوطن ومنعته واستقلاله.
التالي