الثورة- ترجمة ميساء وسوف:
يبدو أن السياسة الخارجية الأميركية تسير وفق اتجاهين: ضمان تدفق كل شيء من خلال المساعدات العسكرية أو ضمان عدم وصول أي شيء من خلال العقوبات. ولم ينجح أي من الأمرين، ولم تتسبب العقوبات في إضعاف روسيا أكثر مما ساعدت المساعدات العسكرية أوكرانيا.
في 20 نيسان الماضي، وافق مجلس النواب الأمريكي على حزمة المساعدات التي طال انتظارها بقيمة 61 مليار دولار لأوكرانيا، وفي 23 نيسان أيضاً، تم تمريره بسهولة في مجلس الشيوخ، وفي اليوم التالي، وقعه الرئيس بايدن ليصبح قانوناً.
وقالت وسائل إعلام أمريكية إن حزمة المساعدات هذه سوف تسمح لأوكرانيا بالعودة إلى الهجوم في عام 2025.
لكن ما قاله المسؤولون الأوكرانيون والمحللون العسكريون كان أكثر واقعية. ووفقاً لمسؤول أوكراني كبير، فإن حزمة المساعدات الأمريكية “يمكن أن تساعد في إبطاء التقدم الروسي، لكنها لن توقفه، وإنها لا تحتوي على رصاصة فضية”. وقال محلل عسكري أوكراني لصحيفة فايننشال تايمز إن “المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة تشتري لنا وللاتحاد الأوروبي الوقت فقط”.
في كانون الأول 2023، أخبر القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية فاليري زالوزني وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن عن مقدار المساعدة التي ستحتاجها أوكرانيا لهزيمة روسيا، ولم تكن 61 مليار دولار، بل كانت 350-400 مليار دولار. وأشارت مجلة الإيكونوميست إلى “الحقائق المثيرة للقلق” وهي أنه “على الرغم من أن الحزمة الجديدة ستعزز القدرات الدفاعية لأوكرانيا، إلا أنها ليست كافية لمساعدتها على استعادة المزيد من الأراضي التي خسرتها”.
ورغم أن 61 مليار دولار مبلغ كبير، ولكنه لا يكفي لتغيير النتيجة الحتمية للحرب على المدى الطويل.
ومن أصل 61 مليار دولار، تم تخصيص 8 مليارات دولار لإبقاء الحكومة الأوكرانية قادرة على سداد ديونها، وتخصيص 11 مليار دولار لدعم العمليات العسكرية الحالية في المنطقة.
كما سيتم تخصيص 23 مليار دولار لتجديد مخزون الولايات المتحدة من الأسلحة الذي تضاءل بسبب ما تم إرساله بالفعل إلى أوكرانيا.
وهذا يترك فقط حوالي 14 مليار دولار لشراء الأسلحة لأوكرانيا. ويمثل هذا حوالي 21-23% فقط من إجمالي حزمة المساعدات. وتقدر وزارة الخارجية الروسية المبلغ الذي “سيتم إنفاقه على الاحتياجات العسكرية” لأوكرانيا بنحو 25%.
على الرغم من أن إعادة تخزين الإمدادات الأمريكية قد يسمح للولايات المتحدة بنقل المزيد من الأسلحة في المستقبل، إلا أن بعض الأسلحة الجديدة التي من المفترض أن تغير الوضع الحالي ربما تم إرسالها واستخدامها بالفعل.
لذا، فإن بعضاً من مبلغ الـ 14 مليار دولار سوف يسدد هذا المبلغ وربما يكون قد استنفد بالفعل، ومن ثم فإن هذا الجزء من الحزمة لن يغير الوضع الحالي.
وهناك تقارير تشير إلى أن الغرب لا يملك ولا يستطيع إنتاج القدر الكافي من قذائف المدفعية، وبالتالي فإن حزمة المساعدات ربما تفتقر إلى ما تحتاج إليه أوكرانيا بشدة.
وحتى لو كانت حزمة المساعدات العسكرية تكفي لأوكرانيا لبضعة أشهر، أو حتى لمدة عام، فإن روسيا تظل متفوقة على الغرب في إنتاج قذائف المدفعية والأسلحة والمعدات، ومن الممكن أن تستمر على مدار العام على الأقل.
ثم ماذا؟ هل ستتوصل الولايات المتحدة، سواء كان الرئيس بايدن أو ترامب، إلى حزمة أخرى بقيمة 61 مليار دولار، والتي لن تكون كافية؟، فهل ستكون معركة الكونغرس أسهل من المعركة الأخيرة؟، وحتى لو غيرت حزمة المساعدات الوضع الحالي في ساحة المعركة، فإنها لا تستطيع تغيير النتيجة طويلة المدى للحرب.
إن الحزمة الحالية من المساعدات الفتاكة سوف تغير الوضع، فهو من شأنه أن يطيل أمد الحرب، ويطيل معاناة أوكرانيا ولكنه لن يغير من هزيمة أوكرانيا الحتمية.
إذا كانت السياسة الخارجية الأمريكية تضع مصالح أوكرانيا وتقويتها في الاعتبار حقاً وليس المصالح الأمريكية وإضعاف روسيا، فإنها ستتوقف عن التضحية بأرواح الأوكرانيين من أجل أهداف أمريكية، وتبدأ في الضغط من أجل حل دبلوماسي، بدلاً من عرقلة الحل، وتقديم هذه الأموال كمساعدات من أجل التعافي الذي تحتاج إليه أوكرانيا بشدة في مرحلة ما بعد الحرب بدلاً من تقديم مساعدات فتاكة سوف تستمر في المساهمة في تدميرها.
المصدر- آنتي وور