الحديث عن حلب، يعني الحديث عن الاقتصاد بجميع أشكاله العام منه والخاص على حد سواء، إلى جانب مكونات الاقتصاد الزراعية والصناعية والتجارية، الأمر الذي يتطلب تشخيص هذا الواقع من قبل اختصاصيين ومعرفة معوقاته ووضع الخطط الكفيلة بإحياء حلب اقتصادياً.
اليوم وبعد مرور أكثر من ثماني سنوات على تحرير حلب لابد لنا أن نتساءل عن مستقبل الزراعة في ريف المحافظة، وهل استطاعت الحكومة أن تؤمن مستلزمات الإنتاج الزراعي للمزارعين بسعر مدعوم، وبالتالي الإسهام في تخفيض تكاليف الإنتاج، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على المزارع بالدرجة الأولى وعلى باقي الفئات المستهلكة من ناحية ثانية.
الأمر الآخر الذي يستدعي الوقوف عنده، هو واقع المنشآت الحرفية وخاصة المتوضعة في مناطق السكن العشوائي والمخالفات، علماً أنها تشكل النسبة الكبرى من عدد المنشآت، ما يتطلب تبسيط إجراءات عمل تلك المنشآت وإعفاءها من الترخيص الإداري ريثما يتم تأمين مناطق صناعية جديدة تضاف إلى المناطق الصناعية الحرفية التي مازال الحرفيون ينتظرون إكمال بنائها ليتمكنوا من استلامها والبدء بالعمل والإنتاج.
وهنالك نقطة أخرى هي غاية في الأهمية وتتمثل في “اقتصاد البسطات” وهذا النوع من الاقتصاد يؤمن آلاف فرص العمل للطبقة الكادحة، إلى جانب توافر المنتجات والبضائع بأسعار أرخص من مثيلاتها في المحال التجارية، “اقتصاد البسطات” يتطلب من محافظة حلب ومجلس المدينة ضرورة دراسة هذا النوع من الاقتصاد كونه حاجة ماسة ووضع الخطط حيالها موضع التنفيذ عبر إحداث أسواق شعبية، ولايمنع من أن يكون بعضها في مركز المدينة وفي الشوارع التي يمكن أن يتم إحياؤها ولو بشكل مؤقت عبر هذه البسطات، مثل “شارع بارون – منطقة وراء الجامع …. وغيرها من المناطق” وبالطبع شريطة تنظيمها ومراقبتها عبر لجان مناطقية.
ويبقى الهم الأكبر هو إعادة إعمار منشآت القطاع العام الصناعي والإنتاجي، علماً أن مطالب الطبقة العاملة وعبر مؤتمراتها كانت تركز على إعادة إعمار تلك المنشآت، ومازال عمال حلب ينتظرون سماع صوت آلاتهم.
هذه مجرد إطلالة نضعها برسم الجهات المسؤولة في حلب كل حسب موقعه، ونأمل ألا تكتفي بالمراسلات فقط، بل لابد من تتبع مصير تلك الكتب والمراسلات، فحلب وأبناؤها يستحقون كل اهتمام، لأن حلب إذا انتعشت اقتصادياً انعكس ذلك على الوطن بأكمله.