كل محاولات الاختفاء والتبرير أو عدم التبرير، باتت غير مجدية في واقع يقول، ويسهب في الحديث عن تردٍ وتراجع كبير في الوضع المعيشي، والغلاء الحاد المحيط بدخل المواطن، والكل يدرك أن راتب الموظف لا يوازي مصروفه ليومين، أو حتى عمله الإضافي.
لاشك أن ما يحصل اليوم من نتائج على تراجع في الحالة الاقتصادية ليس وليد اليوم، وإنما تراكمات لسنوات سابقة من الإجراءات والقرارات غير المجدية، أوصلت عملية الإنتاج إلى أرقام بعيدة عن الطموح، وحالت دون أي تغيير نوعي يطرأ في أغلب القطاعات، والنتيجة حالة من عدم القدرة على شراء أبسط الحاجيات.
ويعود اليوم الحديث عن نقص التوريدات، وعلاقته بتأخر رسائل البنزين والمازوت والغاز وزيادة ساعات التقنين، وهنا تكمن المشكلة في غياب كل ماهو مرتبط بالإنتاج وعصب الإنتاج، وسط شكاوى من حجم الرسوم والضرائب وارتفاعها على التجار والصناعيين، وأي منتج أو بائع صغير، فكيف تعمل الجهات المعنية كل جهدها للتحصيل ولا تلتفت إلى النتائج؟!.
وليست الضريبة والرسوم وحدها التحصيل، فرفع سعر أي نوع من السلع والخدمات والمواد الأساسية والمشتقات النفطية، بالنتيجة هو تحصيل، وللأسف أنه تحصيل دون إنتاج، وعلى حساب جيب المواطن. والأصعب من ذلك أن نتائج التحصيل لا تنعكس فقط على الحالة المعيشية، بل نتائجها كبيرة على الصحة العامة، والتعليم، الغذاء، والدواء، فمن يستصعب الحصول على أي سلعة بسيطة، كيف له أن يذهب إلى عيادة طبيب ويحصل على الدواء، أو أن يكمل تعليمه بشكل طبيعي، أو غير ذلك من ممارسة الحياة الطبيعية اليومية بما فيها العملية الإنتاجية.
ما جاء في حديث السيد الرئيس بشار الأسد في الاجتماع الموسع مع اللجنة المركزية للحزب، ترك الارتياح والأمل، نحو تحسين وضع الطبقة الوسطى، بعد أن انزاح مسارها باتجاه الطبقة الفقيرة، وهذه الطبقة رافعة المجتمع وتنتمي إليها كل الشرائح، وتدخل في أي تطور يمكن أن يحصل على الصعيد المادي والأخلاقي والعلمي والإنتاجي.
ومن خلال قراءة للخطاب، نجد الوضوح في تحديد أركان المشكلة المعيشية، بل إنه وضع النقاط على الحروف، ووجه العناية الفائقة باتجاه أهم مكونات المجتمع والعملية الإنتاجية، وبات ملحاً أن تتوجه الأنظار إلى نقلة نوعية في الأداء الحكومي، ومتخذي القرارات والإجراءات، بما ينعكس على إنعاش الطبقة الوسطى ومحدودي الدخل في بلدنا.