محمد شريف الجيوسي – كاتب فلسطيني:
تحدثنا في مقالة سابقة عن أهمية وضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني، الذي تسبب فيه الحسم العسكري الذي أجرته فصائل المقاومة في غزة والذي أصبح أمراً واقعاً مؤسفاً رغم عدة محاولات لرأب الصدع جرت في الجزائر والرياض والصين وروسيا وغيرها.
وبغض النظر عمن يتحمل مسؤولية الفشل فإن إنهاء الانقسام ضرورة وطنية فلسطينية عليا قبل أن يتعمق أكثر ويصبح واقعاً جيوسياسياً، وهو ما تأكد مؤخراً لدى التصويت في الأمم المتحدة على قرار منح فلسطين العضوية الكاملة حيث جرى التذرع بالانقسام لمنع منح فلسطين العضوية الكاملة.
ويهمني أن أذكر بالتجربة الفيتنامية حيث توحد الفيتناميون في نحو 25 حركة وطنية بقيادة الحزب الشيوعي الفيتنامي وأذكر هنا أن القائد الفيتنامي (هوتشي منه) كتب في وصيته سنة 1969م التي كان لي شرف تحريرها في جريدة البعث حيث كنت أعمل محرر أخبارٍ دولية أوصى فيها رفاقه باحترام (معتنقات ومعتقدات الآخرين) وهو ما مكن الفيتناميون من هزيمة أعظم دولة في حينه (أمريكا) حيث لا يمكن تحقيق انتصار مع استمرار الانقسام رغم ما قد يساق من مبررات لا تقنع عاقلاً لينهى الانقسام أولاً ثم يجري البحث في التفاصيل الخلافية التي ستضيق بإنهاء الانقسام.
وأرى أن يشارك في محادثات إنهاء الانقسام جميع الفصائل وكذلك مشاركة مؤسسات المجتمع المدني من أحزاب ونقابات وجمعيات وشخصيات وازنة من مفكرين وأكاديميين وإعلاميين وكتاب لوضع ضوابط قابلة للتنفيذ تنهي الانقسام.
وأذكر هنا أن الزميل فيصل الحوراني زار فيتنام للاطلاع على تجربتها النضالية فوجد أن الفيتناميين يعشون حياة طبيعية جداً تحت الأرض من أسواق ومسارح ولم يمنعهم النضال فوقها من ممارسة حياتهم الطبيعية ولعل ذلك مثّل سبباً من أسباب انتصارهم، إلى حدّ أن أمريكا كان كل همها عند مغادرة فيتنام مهزومة تأمين مغادرة قائدها العسكري بأمان.. فهل يستفيد الفلسطينيون من التجربة الفيتنامية وينهون الانقسام ويقبلون ما بينهم من اختلافات غير جوهرية فالوحدة أساس النصر؟.
لقد لعب الاتحاد السوفييتي والصين الشعبية في تعزيز صمود فيتنام وانتصارها، والآن تلعب أمريكا والاتحاد الأوروبي دوراً في تغلب “إسرائيل” ما يعني أن الفلسطينيين بحاجة لمن يمد لهم يد العون للحصول على حقوقهم وبالتالي عليهم تعزيز علاقاتهم بالدول المتفهمة للقضية الفلسطينية لخلق نوع من التوازن على الأقل.
السابق
التالي