معلمة تنصب خيمة في مدرسة في غزة لمواصلة تعليم الأطفال.. طفل صغير يلقن أخاه الشهادة قبل الموت وهو مصاب.. امرأة تودع ابنها وهي تزغرد وتقول في سبيل الله والبلد.. رجل أنهك الخوف والجوع والدمار محياه يودع بناته وأبناءه الشهداء.. ومسناً يودع أحفاده وهو يوصيهم من دون دموع أو حزن بأن يسلموا على من سبقوهم من شهداء.. وصحفيون يقولون رائحة المسك في غزة لا توصف..!
تجد أطباء وممرضين يعملون بالمستشفيات المختلفة في القطاع أربع وعشرين ساعة ويستقبلون ذويهم إما مصابين ليعالجوهم أو شهداء ليدفنوهم، وتجد صحفياً وهو على الهواء مباشرة ينقل للعالم أسماء الشهداء والجرحى بالقصف الهمجي الوحشي للأبرياء يتلقى خبراً باستشهاد أفراد أسرته ويكمل التغطية.. ويقولون نحن صامدون لن نبرح مكاننا ولن نهاجر أرضنا ولن نترك بيوتنا ولا غزتنا الحبيبة.
رغم شراسة ووحشية الغارات الإسرائيلية خلال العدوان الحالي على قطاع غزة، وحجم الخسائر البشرية والمادية الهائل، فإن أهالي القطاع يلتحمون بشكل قوي.. ويلاقي الأهالي الدمار والمعاناة بمزيد من التشبث بالأرض والمناطق التي حاول الاحتلال الإسرائيلي دفنها بمن فيها، لتغدو شاهداً آخر على الصمود والحياة لأهل الأرض.. وأطفال غزة يغنون معاً والقذائف والصواريخ تتناثر من حولهم (شدو بعضكم يا أهل فلسطين شدو بعضكم).. ولعلنا لن نجد في العالم أجمع من يقول أمام الجميع “هؤلاء فداء للوطن والأقصى”.
رسائل الصمود الأسطوري أكدت أن أهل غزة- أهل الأرض- لن يتنازلوا عن أرضهم مهما حدث، وأنهم سيعيشون فوق بيوتهم المهدمة، ولن يخضوا لضغوطات تؤدي بهم إلى نكبة جديدة.. فالحرب الإسرائيلية الهمجية على القطاع صنعت جبروتهم وقوتهم ليقاوموه ويكسروه ويهزموه ويلقنوه الدروس التي كان أولها عملية طوفان الأقصى والتي لم تأت من فراغ لشعب فلسطين الذي عانى من ويلات الاحتلال منذ عام 1967 وحتى الآن.. وسيلاحق هذا الاحتلال على مدار الزمان والتاريخ وسيولد جيل لا يهمه إلا الثأر والنصر..

السابق