ربما من الأشياء الجميلة التي تربينا عليها وسمعنا عنها كثيراً هي تجربة المسرح الجامعي ،الذي لمعت من خلاله أسماء ونجوم حلقت في سماء الفن .
صحيح أن تلك التجربة توقفت قليلاً في سني الحرب إلا أنها بقيت ضرورة ثقافية وتربوية وفنية ننتظرها جميعاً .
اليوم وبمبادرة طيبة من الاتحاد الوطني لطلبة سورية أقيم مهرجان المسرح الجامعي أحد أهم ركائز العمل التربوي داخل الجامعة بل من أهم أهدافه ووظائفه .
اليوم الأول الذي تمّ فيه الافتتاح في مسرح الحمرا بدمشق غصّ المكان بعشاق المسرح، وقد تمّ تكريم الفنان دريد لحام والفنان فايز قزق، وهذا دليل على أهمية المسرح في حياتنا رغم كلّ ما يقال فهو كان ولايزال (أبو الفنون) وأهم الوسائل التي ينجذب إليها الجمهور، فهو ينقل الأفكار والقيم إلى نفوسهم بلغة محببة وجمالية.
المتابع للأعمال التي عرضت وستعرض يرى شغف الطلاب في تقديم أجمل ماعندهم في سبيل تلك الخشبة التي يحبونها ويشعرون بالتعاطف معها ، فهي بالنسبة للكثيرين العشق الأبدي .. فقدموا مثلاً مشكلات اجتماعية وعاطفية وإنسانية .. الخ . أكدوا من خلالها موهبتهم وأفكارهم وآرائهم واطلاعهم على تجارب الآخرين ليثبتوا أن المسرح الجامعي هو جزء أساسي من معادلة صناعة التغيير الإيجابي نحو الأفضل، فهذه التظاهرة هي ليست لدمشق فحسب بل لجميع المحافظات التي تعتبر هذا المهرجان طقساً سنوياً جميلاً.
المسرح الجامعي ليس وليد اليوم بل منذ السبعينيات كان شعلة العلم والمعرفة والفن الجميل والراقي ، شارك في المحافل الدولية وقد نال العديد من الجوائز وها هو يحتفي اليوم بدورته 28 .
لأننا أبناء الحياة، ولأن الفن متجذر في تاريخنا الحضاري سنبقى مستمرين على هذه الخشبة رغم كلّ الصعوبات، نجتهد ونثابر ونقدّم ونعطي، فالتجارب أكدت أن المسرح الجامعي بمکوناته الفکرية والجمالية قادرعلى تلبية حاجات الشباب التربوية والتعليمية والنفسية والاجتماعية على اختلاف أعمارهم .
المسرح الجامعي صاحب القيم التنويرية والثقافية، جاء ليزرع الابتسامة والأمل فينا من جديد، يغادر الجمهور وهو يحمل في ذاكرته صوراً ومشاهد راسخة في وجدانه، على أمل لقاء يتجدد يحمل معه حبّ وعشق المسرح (أبي الفنون) .