الثورة – رفاه الدروبي:
استعار المؤلف والأديب والمسرحي محمد الحفري اسم رواية “صاحب الظل الطويل” من الكاتبة الأمريكية “جين ويبستر” لمسرحية كتبها كانت في جلسة قراءة ومناقشة لعمل مسرحي تختلف أحداثه كلياً عن الرواية، ناقشتها جمعية المسرح والموسيقا في اتحاد الكتَّاب والصحفيين الفلسطينيين، وقدَّم إضاءة نقدية عنها الدكتور بكور عاروب وشاركه في المناقشة كوكبة من المسرحيين والمهتمين.
استُهلت الجلسة بأداء العمل المسرحي، شارك في عرض سير أحداثه كلٌّ من “رؤى نمور، شام ريحاوي، محمد نور الكيشي”، وتدور أحداثه حول شاب يحبُّ سيدة يتخيلها موجودة أمامه، فيتبادلان أطراف الحديث بشيء من اللوم والعتاب في حديقة عامة فيما أغنوا النص بأغانٍ وأشعار.
وأشار الحضور إلى أنَّ المسرحية استندت إلى الفيلم الهندي “عروس مومباي” ورواية “صاحب الظل الطويل” بينما يحمل العمل في طيات النص عبارات تلفت النظر لعلاقات إنسانية من لحم ودم وليست كالحجارة لموضوع إنساني ينطبق على عدة فترات فيما لو ألبسناه عدة ألبسة لكان قابلاً في أي مكان وزمان، لافتين إلى أنَّه يضيف بسمة على شفاه قارئيه باعتباره نصاً ذاتياً ومكتوباً بحرفية الكاتب وخبرته ويقدِّم نصاً حاملاً لأن يكون مختلفاً ومتنوعاً ويمكن أن يأخذ أبعاداً مختلفة أيضاً.
وأشار الحضور إلى أنَّ الكاتب يأخذك إلى عالم يحتوي حديقة عامة لحدث واقعي وحقيقي وحوار شبيه برسائل جودي آبوت في رواية “صاحب الظل الطويل” فكان النص عبارة عن ناقوس دق بحق في ذهنية القارئ ليتذكر فيحمل في مجرياته أعمالاً أدبية عالية وقيمة أخلاقية يستحق أن يكون نصاً ذا رؤى معرفية.
بدوره الناقد والروائي عماد نداف رأى فيه صدق المفردات لكنّه يطرح إشكاليتين لمتلقي النص: أولهما تدور حول كيف بني الحوار وكان عبارة عن أداة معرفية تقدم الحدث وتنهيه في السيناريو عبر حوار يصعد ويهبط ويتفاعل معه، ولكن الصعود الثاني جرى شبيهاً بالأول كون الحدث يجري في مكان ثابت لا يتغير ولا يغير بالنص والاقتباس، لكنّه يطغى أمام أدوات الإيصال: الصوت والحوار، ويحتاج التحرُّك إلى حدث بسيط جداً يتحوَّل إلى أن يُحقِّق شروطه كاملة لأداء لغة ممتازة في التفاعل مع لغة تعبيرية جيدة.
كما بيَّن الدكتور بكور عاروب أنَّنا عندما نقرأ النص منفرداً، نجد أنَّ هناك رؤية إخراجية خاصة به، ولا بدَّ من قراءته منفرداً، ونرى أنَّ بعض الحوارات تسقط ويختلف النص المسرحي برؤية إخراجية لعمل لا يحمل لغة عالية حين يرسخ في ذهن الإنسان، منوِّهاً بأن النص مُعَدٌّ للقراءة وللمناقشة ومكتوب مع رؤاه الإخراجية، ثم تساءل: هل حاز النص على الصيغة الأدبية فلجأ الكاتب إلى التجريب واختيار النص المعد مع زاوية إخراجية لقارئ لا يسرح بخياله إنه نص ذاتي ذو لغة عالية لا تتناسب عملياً مع لغة المسرح.
ثم أكّد الدكتور عاروب أنَّه شعر بالمؤلف عندما كتب النص طغت عليه الذاتية واللغة العاطفية والشعرية الغنائية؛ ولابدَّ من الابتعاد عن الذاتية باعتبارها قاتلة، أما من الناحية الإخراجية فإنَّ الرؤية غير موجودة والحوار بحاجة إلى معطيات أخرى كي تعطينا فهماً للنص وهناك فارق بين المسرح الحديث حيث يتجه نحو الحرفية بينما النصوص القديمة تحمل لغة عالية.
بدوره أوضح الأديب محمد الحفري بأنَّ النص مليء بالأفكار، ويشير إلى إحساس الرجل بأنه أقوى وأعمق من المرأة في النص فقط وليس انتقاصاً من قيمتها، ولكن الحبَّ لديه حالة عابرة فاللغة غير مطلوبة وليست شعراً بل محاولة للتقرُّب من الشعر، فالنص ينتمي إلى الحدث الدائري، ويبدأ من نقطة وينتهي بها، وهناك ذكريات واستعادات وتحميل اللوم والمسؤولية، فالشاب كان في حالة انفعالية كبيرة يبدو فيها شبه مجروح، وكلامه أشد حدةً، وهناك عناصر أخرى تظهر في الأداء المسرحي تشمل الإضاءة والاستعاضة عن الحوار بالمكان المفتوح.