الثورة – يمن سليمان عباس:
من جديد نتابع معطيات يكشف عنها علم النفس الوراثي الذي يعمل بدأب على تحليل وتفسير الكثير من العقد التي لم نكن نعرف تحليلاً لها وان كان الحدس الشعبي المتوارث يفسر بعضها.
كأن نقول: فلان يكرهه حتى البطن الذي حمله.. أمه لا تطيقه.. فلان مكروه من ولادته..
الفصام أو الانفصال الذي قد يحصل بين الأم وطفلها مذ تكونه جنيناً، يشير إليه عالم النفس مارك وولين، إذ يرى أن الانفصال أنواع.
على الرغم من أن الغالبية العظمى من النساء يقتربن من الأمومة بأفضل النوايا، إلا أن المواقف الخارجة عن سيطرة الأم يمكن أن تؤدي إلى انفصالات مبكرة لا مفر منها عن طفلها، بعض هذه الانفصالات جسدية بطبيعتها، بالإضافة إلى التبني فإن الأحداث التي تنطوي على فترة طويلة من الانفصال مثل مضاعفات الولادة حالات الإدخال إلى المستشفى الأمراض العمل أو الرحلات الطويلة بعيداً عن المنزل يمكنها جميعها أن تهدد الروابط النامية.
يمكن أن تعمل الانفصالات العاطفية على نحو مماثل حينما تكون الأم متاحة جسدياً غير أن تركيزها واهتمامها متقطعان لا يشعر الطفل بالسلامة والأمان.
بوصفنا أطفالاً نحتاج إلى حضور والدتنا العاطفي والحيوي بقدر ما نحتاج إلى حضورها الجسدي، حينما تتعرض أمنا لحدث صادم، مثل فقدان الصحة حمل طفل والد شريك أو منزل يمكن أن ينصرف انتباهها عنا أننا بدورنا نختبر صدمة فقدانها.
يمكن أن تحدث الانفصالات بين الأم والطفل أيضاً في الرحم يمكن أن تؤدي المستويات المرتفعة من الخوف القلق- الاكتئاب، علاقة مجهدة مع الشريك، وفاة أحد الأحباء، موقف سلبي بشأن الحمل، أو فقد سابق في الرحم إلى مقاطعة تناغم الأم مع طفلها النامي داخلها.
إذا كنا قد عانينا نحن أنفسنا من هفوات في رعاية أمنا المبكرة أو اهتمامها أو صعوبات في أثناء الحمل أو الولادة فإن كل شيء لم يضع لحسن الحظ لا يقتصر إمكان إصلاح الرابطة على مرحلة الطفولة، يمكن أن يحدث في أي وقت من أوقات حيواتنا، يمكن أن يكون تحديد لغتنا الأساس الخطوة الأولى.
اللغة الأساس للانفصال
إن هذه الانفصالات المبكرة مثل الأنواع الأخرى من الصدمات التي استكشفناها تخلق بيئة يمكن أن تزدهر فيها اللغة الأساس، حين الاستماع بحثاً عن رابطة منقطعة غالباً ما نسمع كلمات اشتياق إلى التواصل، بالإضافة إلى كلمات الغضب إطلاق الأحكام الانتقاد أو السخرية، وقد تستخدم الأم مفردات ترددها وجنينها في الرحم وأنه لن يتأثر بها.
إن الجمل الأساس مثل هذه يمكن أن تأتي أيضاً من جيل سابق في التاريخ الأسري وليس بالضرورة من انقطاع في الرابطة مع الأم. يمكننا أن نولد ونحن نحمل هذا الشعور ولا نعرف أبداً مكان منشئه.
ومن الموضوعات المشتركة التي تميز الانفصال المبكر، هو وجود نبذ قوي لأحد منا جنباً إلى جنب مع الشعور بإلقاء اللوم عليها، لأنها لم تستطع تلبية احتياجاتنا، غير أن هذا ليس هو الحال دائماً، يمكننا أن نشعر بحب كبير لأمنا إنما نتيجة لكون الرابطة لم تتطور على نحو كامل نشعر بأنها كانت ضعيفة وهشة، وبأننا كنا في حاجة إلى أن نرعاها نحن، إذ من جراء حاجتنا إلى الشعور بالارتباط بها يمكن أن يسير اتجاه الرعاية في الاتجاه المعاكس من دون علم يمكننا أن نحاول تزويد أمنا بالرعاية عينها التي نحتاج إليها نحن أنفسنا بشدة.