الملحق الثقافي- عبدالكريم العفيدلي:
في لقاء ودي جمعني منذ فترة مع الأديب الدكتور محمد عامر مارديني برفقة أحد الأصدقاء ، حدثنا عن بداياته مع الكتابة قائلاً :» أثناء طفولتي كان لدينا جار صاحب مكتبة يؤجرالكتاب بفرنكين ، فنذهب ونستأجر الكتب لأنها كانت الوسيلة الوحيدة التي تملأ فراغنا وخصوصاً أثناء العطلة ، كان صاحب هذه المكتبة لديه عرض خاص من يقرأ الكتاب بنفس اليوم يمكنه أخذ كتاب آخر يقرأه دون أن يدفع ،ولذلك كنت نهماً بالقراءة وشغوفاً وخصوصاً أثناء العطلة وبقدرماقرأت منذ طفولتي تولدت لدي موهبة الكتابة فمن دون القراءة لا يمكنك الكتابة لأن القراءة هي أساس الكتابة ، لذلك وجهت بعمل مشروع في وزارة التربية للقراءة والتأليف وتنمية مواهب الكتابة لدى أبنائنا « .
عندما كان المارديني يتحدث جال بذاكرتي حديث لأحد أبناء الأديب الدكتور عبدالسلام العجيلي ،كيف كان يحثه وأخوته على اقتناء الكتب والقراءة ، قال : كان والدي مع كلّ عطلة صيفية يصحبني وأخوتي معه إلى دمشق ،وأول مانصل يأخذنا إلى المكتبات لتسوق الكتب وكان سخياً كعادته معنا ، لكن بأقتناء الكتب كان أكثر سخاء وكان يحثنا حثاً على شراء كمية كبيرة من الكتب لتنمية القراءة لدينا .
والحقيقة كما يقول أحد العلماء :»إن سخاء النفس بالإنفاق على الكتب دليل على تعظيم العلم، وتعظيم العلم دليل على شرف النفس» .
قد يقول قائل :إن القراءة اليوم أصبحت من الرفاهية ،وإن اقتناء الكتب أصبح حاجة ثانوية بسبب ثمن الكتاب المرتفع ،وبروز أولويات معاشية ينظر لها البعض أنها أهم من الإنفاق على شراء الكتب ، وظهور الكتاب الإلكتروني صرف الاهتمام بالكتاب الورقي والحقيقة وبمقارنة بسيطة نجد أن الكتاب الإلكتروني لن يستطيع إزاحة الكتاب الورقي ومتعة القراءة بالكتاب الورقي ألذ من الكتاب الإلكتروني فالورقي برائحته وتقليب صفحاته ينشىء علاقة حميمية بين القارىء والكتاب ،وهذه العلاقة لايستطيع توفيرها الالكتروني وبمجرد أن تنقطع الطاقة عن الجهاز لايتوفر بينما الورقي يتوفر ولايحتاح للطاقة الكهربائية ، وأيضاً الكتاب الورقي لايزعج العين فهو من المنظور الصحي مريح أما الالكتروني مؤذ للعين فمابالك بساعات قراءة طويلة .وقد يكون هذا أحد الأسباب المهمة التي تعيد ألق الكتاب الورقي وعودته لأيدي القراء هرباً من الآثار السلبية للتكنولوجيا وصخبها .لكن هناك من يرى أن تعتمد دور النشر سياسة هجينة تقوم فيها صناعة الكتاب بثلاثة توجهات مطبوع والكتروني ومسموع بمعنى أن توصل الكتاب بكلّ الطرق، وفي هذا السياق يوضح الدكتور عبد الله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام العماني في مقابلة مع بي بي سي على هامش معرض مسقط الدولي للكتاب إن الأشكال الثلاثة للكتاب متكاملة، وقال «أستفيد من الكتاب المسموع عندما أمارس الرياضة، وأتحول للإلكتروني عند السفر لسهولة حمله وسرعة الحصول عليه، وأعود للورقي في المنزل أو المكتب في جلسة خاصة مع الكاتب حيث أتمتع بملمس الكتاب وكتابة الملاحظات».
الكتاب الذي نحتاج إليه في سورية هو الكتاب بأي شكل كان فالمهم أن نقرأ ، ويكفي أن نقول :إن أول كلمة في القرآن الكريم نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة فعل الأمر(إقرأ) ، أي أننا أمرنا بالقراءة و من دون القراءة لن نستطيع التعلم ومن دون التعلم لن نستطيع الفهم .
العدد 1191 – 28 -5-2024