لا أحد من المواطنين، إلا وأحرقته نار الغلاء الذي يسيطر على عيادات الأطباء سواء كان أحدهم طبيباً بشرياً او طبيب أسنان عبر تحديدهم لمبالغ تناسبهم هم فقط لدى الكشف أو بداية المعالجة لأي مراجع في العيادة.
فالأطباء البشريون بسوادهم الأعظم – حتى لا نكون قد ظلمنا القلة القليلة الباقية ممن يتقون الله في المرضى – باتت المبالغ التي يتقاضونها لمجرد الكشف على المريض مبالغ فلكية ولا يقدر عليها المواطن ولا تتناسب مع دخله، وإن كان البعض قادراً على ترتيب أموره بطريقة أو بأخرى، فمعظمنا غير قادر على ذلك ولا يستطيع دفع الكشفية، والجميع بات يعرف بأن أقل كشفية اليوم لا تقل عن 50 ألف ليرة سورية، ناهيك عن الدواء والمستلزمات وخلافه.
أما بالنسبة للكثير الكثير من أطباء الأسنان فالحديث يطول وذو شجون، إذ ان السوق هنا عبارة عن بازار حقيقي للأجور واستعراض العضلات بأسماء النجوم وكبار القوم الذين يزورون الطبيب للعلاج عنده، وبعد ان تغمز السنارة ويسلّم المواطن امره لله ويقبل، تكون الصفقة قد تمت وهنا يبدأ البازار الجديد باستعراض نوع المواد وجودتها وبُعد البلاد التي استُقدمت منها، فهذا يستعمل مواد فرنسية، وذاك يستعملها إيطالية، أما الثالث فيستقدمها عبر ابن عم خالة زوج حماته من بلاد ما وراء البحار وتحديداً من البلاد المشمسة، وإن قلّت فيها فمن البلاد الثلجية.
كل ذلك جميل ولكن ما ليس جميلاً هو حال المواطن الذي لا يقدر على النهوض بهذه الأعباء، بالتزامن مع تراجع الخدمات المقدمة من القطاع العام في هذا المجال، فما الذي يفترض به فعله..!! أما العمل الأهلي والجمعيات الخيرية فحدث ولا حرج، إذ بات عملها هي الأخرى مجرد استعراضات أمام الكاميرات لا أكثر ولا ادأقل.
ثلاثي لا رابع له تقوم عليه المجتمعات تحديداً، وهي التعليم والصحة والغذاء، وهذه المكوّنات الثلاثة إن توفرت بالأسعار المنطقية (ولا نقول هنا الشعبية) فيمكن القول بأن المجتمع ما زال قادراً على ترتيب أموره بتدوير طرابيش مدخوله أو أجره بين المهم والأهم والضروري والأكثر ضرورة، أما إن تغوّلت الأسعار وتوحّشت فإيجاد الحل مسؤولية الحكومة وليست مسؤولية المواطن بحال من الأحوال.
السابق
التالي