لم يكفهم ما لاقوه وما عايشوه وما شعروا به من وجع الحرب وآلامها ومفرداتها من فقد وقهر، بل طالتهم تداعياتها لتسرق أحلامهم وطفولتهم ليواجهوا خطر ضياعهم في عمالة أخمدت نور البراءة والفرح في عيونهم، ظاهرة تطلّ بقوة هذه الأيام وخاصة في فصل الصيف لتوفير نفقات تعليمهم وحاجاتهم الحياتية، وذلك عوناً لآباء عجزوا عن اللحاق بغلاء معيشي قاهر، وبالتالي عدم استطاعتهم الوفاء بالتزامات والدية من مأكل وملبس ومشرب.. وصحة ورفاهية.
صور كثيرة لأطفال صغار السن في الساحات والشوارع والأماكن العامة، وهم يبيعون بعض الغذائيات أو المنظفات والخرداوات يستدرون عطف الناس، متسولين إليهم بكلمات الشفقة، ويظهر هنا التسول بعباءة العمالة.. ظاهرة أشد خطراً وأصعب علاجاً وأكثر تحدياً لتطور ونهوض المجتمع.
مشاهد متعددة ومتنوعة لأطفال يعملون في ظل أوضاع استغلالية بشعة وتحت رحمة رب العمل، ولاسيما في الورش والفعاليات الصناعية والخدمية، نقرأ من خلالها ممارسات غير أخلاقية، وعوز وحاجة هي العامل الأبرز في زجّ الأطفال في سوق العمل بغية إعالة ذويهم ولو بالحدود الدنيا المطلوبة.
في اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، والذي يصادف اليوم، لا بد من الاعتراف أننا لسنا خارج مشكلة عمالة الأطفال ،كظاهرة مثيرة للقلق في العالم كله، وتعتبر من أهم المسائل التي يسعى المجتمع الدولي للتصدي والحد من تفاقمها، ويقدر عدد الأطفال العاملين بالملايين.
لنجعل من اليوم العالمي فرصة ندعوا بها الجميع لتوفير الحماية الحقيقية بحجمها المطلوب للأطفال من كل استغلال للنفس والجسد، بدءاً من تحسين الواقع المعيشي للأسرة، مروراً بحجم الانطواء الحقيقي بإلزامية التعليم الأساسي، وانتهاءً بثقافة سوق العمل وتعزيز البيئة القانونية والسياسات التشريعية المتوافرة أصلاً في بلدنا، ووضع عقوبات رادعة لمن يخالفها ويتحايل عليها.