ليس مجرد استعراض رقمي أعلن عنه معهد ألماني متخصص بالدراسات الاقتصادية، بل دروس تتكرر كل يوم أمام أعيننا وتزداد قيمة لمن يتعلمون منها، بينما نحن لا نتعلم ولا نريد أن نتعلم، وقد وصل الأمر بنا إلى عدم القيام بأي استثمار لأي رياضة ولا لأي لاعب، وصاحب أبسط بقالية يعرف أنه بمجرد الإنفاق على ديكور محله بشكل مناسب وجلب بضاعة لذيذة وجيدة يحبها الأطفال ويوافق على جودتها الكبار، فإنه سيجني أضعاف ما أنفقه مضاعفة.
تعالوا نتكلم بالأرقام المجردة ونتخيل حجم الإنفاق الذي ستنفقه الويفا وألمانيا على يورو 24، ففي البداية سيحصل كل فريق يصل إلى ألمانيا على 9 ملايين يورو وربع المليون لمجرد المشاركة، وعدد المشاركين يبلغ 24 منتخباً وفوق هذا المبلغ الضخم سيحصل كل منتخب على مليون يورو لكل انتصار و 500 ألف لكل تعادل، ولا يقف الأمر عند هذا الحد من البذخ فهناك مليون يورو لكل متأهل لدور الـ 16 و2.5 مليون يورو لمنتخبات ربع النهائي و4 ملايين يورو للمتأهلين إلى نصف النهائي، ويحصل الوصيف على 5 ملايين يورو، والبطل على 8 ملايين يورو.
هذه الأرقام تعني أن بطل أوروبا سيحصل على ما مجموعه 28 مليون يورو وحده، ونسأل أنفسنا لماذا هذا البذخ؟ وهل سيغطي العائد حجم هذه الصرفيات وغيرها من فواتير البطولة وهي أكثر بكثير طبعاً؟
لا الألمان وهم الشعب الأذكى اقتصادياً غافلون ولا الويفا ولا أشقاؤنا السعوديون أيضاً، فالنتائج التي خلص إليها معهد إيفو الألماني تقول إن البطولة ستضخ أكثر من مليار يورو في السوق الألمانية، وتجلب 600 ألف سائح إضافي مع أموالهم وستشهد الفنادق 1.5 مليون إقامة إضافية لليلة الواحدة!
نعم هذه هي النتائج الملموسة فقط عدا تحسن كل القطاعات الألمانية اقتصادياً والجميع سيستفيد بشكل مبهر ط، ما يؤمن رخاء مصرفياً للمواطنين أينما كان موقع عملهم! ولنتخيل أن السعودية وهي جالسة في بيتها ستكون المستفيد الأكبر لأنها ستضخ 14 لاعباً مع منتخبات بلادهم في البطولة، وتبلغ قيمتهم السوقية 195.2 مليون يورو ومقابل سماحها لهم بالمشاركة وعلى رأسهم كريستيانو ستحصل من الويفا على أرباح طائلة!
الخلاصة هي السؤال المزمن والشكوى المزمنة التي لا تلقى آذاناً مصغية رغم أن صوتها من المفترض أن يوقظ جميع النائمين: الرياضة وخصوصاً كرة القدم هي الصحة والمتعة والفائدة والاختلاط والتعلم والمعرفة وعلى رأس هذا كله لماذا لا نفهم أن الرياضة مرابح خيالية ومال وفير يا سادة؟!.
