شكلت الانتخابات الرئاسية الإيرانية بتطوراتها ودلالاتها حدثاً رئيساً، يؤكد على أهمية التجربة السياسية الذي أرسته الثورة الإسلامية في الجمهورية الإيرانية ليس فقط في إطار المحافظة على النهج بل بإنتاج مخرجات جديدة تساعد على تطوير هذا النهج وتقدمه بما يناسب المصالح الطموحة للشعب الإيراني ودولته ومواكبة التطورات الدولية.
كان الرهان الغربي والأميركي على أن إيران بعد الحادثة المؤسفة التي ألمت بأرواح الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته عبد اللهيان ورفاقهما، أن هذه الدولة ستدخل في نفق مظلم، لكن تلك الأحلام تبددت، وأظهرت الانتخابات أن إيران دولة مؤسسات قادرة على التجدد والتقدم رغم كل الصعاب ورغم الحصار والعقوبات الغربية والأميركية طويلة الأمد.
لقد حافظت عملية الانتخابات على خط الثورة ونهجها، الذي استطاع أن يرسي دعائم الدولة ويرسم خط تقدمها ضمن إطار المصلحة العامة للشعب، وأن هذا الخط والمنهج منفتح وغير جامد، وهو قادر على النمو والتطور.
الملفت في النظر أن استمرار النهج الذي يلبي مصالح الشعب ولا يتأثر بالضغوط الخارجية تأكيد متجدد من هذه الأنظمة السياسية على التمسك بخيار شعبها وناخبيها والتمسك بسيادة الوطن والأرض والشعب ورفض الضغوط والعقوبات التي تريد فرض أجندة مشغليها على هذا البلد لإخضاعه لمصالح الغرب ومصالح حكوماته التي تريد الهيمنة والسيطرة على العالم.
على كل حال درس جديد لقنته الجمهورية الإسلامية الإيرانية لأعدائها أعداء محور المقاومة، لأننا نعلم أن نجاح إيران نجاح لمحور المقاومة.. نجاح واستمرار نهجها ومواقفها الداعمة للحقوق وقضايا دول المقاومة لاسيما القضية الفلسطينية في مواجهة المخطط الصهيوني وأجندة الليبرالية الجديدة التي تريد إعادة خريطة المنطقة بما يناسب مخططاتها ضد المنطقة.
والملفت أيضاً أن الانتخابات الإيرانية أبرزت صور ناصعة للديمقراطية فرغم التنافس الحر بين المرشحين لم ينف أي مرشح الآخر، كما يحصل في الانتخابات الأميركية، فخلال المناظرات بين بايدن وترامب، رأينا كيف حاول كل واحد منهما نفي الآخر وإلغائه، بينما رأينا في الانتخابات الإيرانية أن المنافسات كانت شريفة وأخلاقية لم تخرج عن سياقها القيمي الأخلاقي.
فأي منافسة لا تحكمها الأخلاق والروح الرياضية هي منافسة بين وحوش كاسرة “يا قاتل أو مقتول”، وتبتعد عن الآليات الحضارية للمنافسة ولا يسودها الاحترام.
فقد كان أول المهنئين للمرشح الفائز مسعود بزشكيان، هو خصمه ومنافسه في الجولة الثانية من الانتخابات المرشح سعيد جليلي..هذه الروح والمنافسة الأخلاقية التي تتمتع بها الديمقراطيات الحضارية لا شريعة الغاب.
السابق