في الحديث عن  التقارب السوري التركي

كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن التقارب السوري التركي بعد التصريحات التي أطلقها رجب طيب أردوغان وتحدث فيها عن الرغبة التركية في استعادة العلاقات مع سورية مشيراً إلى ما شهدته تلك العلاقة من تطور قبل اندلاع الأحداث والحرب التي  شنت  عليها دون أن يشير إلى الدور السلبي للحكومة التركية في تلك الأحداث، وكيف تحولت تركيا الى رأس حربة ومغذ وداعم لتلك الحرب الإرهابية التي انعكست آثارها السلبية على الأوضاع في المنطقة بما فيها تركيا ذاتها والتي اعتقدت في حسابات خاطئة إنما سمي ربيعاً عربياً يمنحها فرصة لتحقيق أحلام إمبراطورية يمكنها من استعادة إنتاج السلطنة العثمانية بمسميات جديدة استخدم في الإسلام السياسي الإخواني وقوداً، لذلك والسؤال الذي يطرح راهناً يتعلق بالأسباب التي دعت تركيا للدعوة للمصالحة مع دمشق وتطبيع العلاقات معها، وفي معرض الإجابة عن ذلك يمكننا القول إن أحد أهم الأسباب هو الفشل  التركي في تحقيق تلك الأهداف بسبب مواجهة سورية جيشاً وقيادة وشعباً لذلك المشروع الذي لم يستهدف سورية، وإنما أغلب الدول العربية بل المنطقة بكاملها حيث لو قيض له أن ينجح لتغيرت خريطة المنطقة ولتحقق المشروع الأميركي الصهيوني في شرق أوسط جديد عبر ما سمي الفوضى الخلاقة، ما دفع بالحكومة التركية لإعادة النظر في سياساتها الخاطئة والتكيف مع الفشل الحاصل، وإلى جانب ذلك العامل أصبحت تركيا تواجه مشاكل اقتصادية وأمنية واجتماعية عميقة من خلال تدفق اللاجئين السوريين بسبب الإرهاب الذي رعته الحكومة التركية، وما سببه ذلك من ضغوطات اجتماعية واقتصادية وتداعيات أمنية على الداخل التركي إضافة إلى استغلال مجموعات قسد الانفصالية ظروف الحرب على سورية لتحاول تكريس واقع غير شرعي في الجزيرة السورية بحماية ورعاية أميركية إسرائيلية رأى فيه الساسة الأتراك تهديداً لأمنهم القومي لجهة أنه جزء من مشروع لقيام كيان كردي يمتد من إيران مروراً بالعراق وسورية وتركيا يهدد الأمن الإقليمي في المنطقة يضاف إلى تلك الأسباب الوضع الاقتصادي المتردي في تركيا وتراجع قيمة الليرة التركية وتوقف الشرايين التجارية التركية التي كانت تمر من سورية لدول الخليج العربي، والتي تشكل رافداً قوياً للاقتصاد التركي ناهيك عن العزلة التي واجهتها تركيا من دول الجوار خلال العقد المنصرم بسبب تلك السياسات الخاطئة وغير المسؤولة والتي ألحقت أذى كبيراً في الحالة الاقتصادية وصورة تركيا بالمنطقة بوصفها دولة راعية للإرهاب ومستثمرة فيه أمام تلك الوضعية السيئة للحالة في تركيا، والذي رافقه صعود للمعارضة التركية وتراجع كبير لحزب العدالة والتنمية مع نجاح الدولة السورية في استعادة السيطرة على معظم مناطق البلاد والانفتاح العربي على سورية كل ذلك دفع بالحكومة التركية إلى إعادة النظر في سياساتها الخاطئة تجاه دول الجوار، وتصحيح تلك السياسة وتصويبها وانتهاج سياسة براغماتية وواقعية والتخلي عن التفكير الإيديولوجي الإخواني ولاسيما أن ثمة قناعة لدى النخب السياسية في تركيا بأن العالم يتجه نحو تشكل نظام دولي جديد روافعه عالم الجنوب والشرق وليس الأطلسي بضفتيه وهو الذي رفض أن يقبلها عضواً في الاتحاد  الأوروبي وقبلها شرطياً في حلف الناتو.

والسؤال الآن كيف لهذه التوجه التركي المعلن عنه من خلال الرئيس التركي ووزير خارجيته أن يجد سبيلاً للنجاح في ظل تراكمات سياسية وعسكرية وأمنية معقدة عالقة بين البلدين الجارين، وما هو المطلوب من تركيا القيام به في هذا المجال، وهل تكفي التصريحات وإعلان النيات لولوج سكة الحل وسلوك خريطة طريق توصل لنهايات سعيدة؟ ولاشك أن هذه الفرضية ممكنة من خلال اتخاذ إجراءات بناء ثقة تقوم بها الحكومة التركية يمكن أن توفر مناخاً للتطبيع النفسي قبل التطبيع السياسي إذا لا يمكن تجاوز حالة عداء بين البلدين سفكت فيها دماء ودمار وانتهاك للسيادة خلال فترة محدودة وكأن شيئاً لم يكن، فالرأي العام السوري لايمكن أن يتقبل ذلك دونما اتخاذ الحكومة التركية إجراءات عملية تطمئن وتقنع الجانب السوري بمصداقيتها منها الالتزام والإعلان الواضح بانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية،  وتسليم المنافذ الحدودية للحكومة السورية، ورفع يدها عن المعارضة السورية المسلحة منها وغير المسلحة، والتنسيق مع الحكومة السورية في مواجهة التنظيمات الإرهابية والتعاون في معالجة التنظيمات الانفصالية والإرهابية في الجزيرة السورية، والتنسيق في أمن الحدود على الطرفين، والعودة المتدرجة والآمنة للاجئين والنازحين السوريين بفعل الحرب الإرهابية إضافة إلى عدم تدخل تركيا في أية مقاربة سياسية للحل في سورية ليكون نتاج حوار وطني داخلي يعمل بفائض قوة الداخل واحترام السيادة السورية والعمل الجدي باستعادة زخم العلاقة بين دمشق وأنقرة التي تجمع بلديهما جغرافية حاكمة وروابط مشتركة وأمن مشترك يصب في خدمة الجميع يطوي صفحة الماضي ويفتح آفاقاً جديدة في المنطقة بشكل كامل يقوم على الشراكة في المنافع واحترام سيادة الدول والسعي الجاد لاستقرار بناء وليس فوضى خلاقة أو بالأصح حراقة للجميع.

 

 

 

 

 

آخر الأخبار
رئيس الهيئة المركزية للرقابة : لن نتوانى عن ملاحقة كل من يتجاوز على حقوق الدولة والمواطن   الرئيس الشرع: محاسبة مرتكبي مجازر الكيماوي حق لا يسقط بالتقادم   حشرات وعناكب بالألبان والأجبان   تشجيعاً للاستثمار .. محافظ درعا يتفقد آثار بصرى الشام برفقة مستثمر سعودي  إبراز المعالم الوقفية وتوثيقها في المحافل الدولية بالتعاون مع "الإيسيسكو" معرض دمشق الدولي..ذاكرة تتجدد نحو تنمية مستدامة  "خطوة خضراء لجمال مدينتنا".. حملة نظافة واسعة في كرناز 10 أطنان من الخبز... إنتاج مخبز بصرى الشام الآلي يومياً نداء استغاثة من مزارعي مصياف لحل مشكلة المكب المخالف قرابة  ١٠٠٠ شركة في معرض دمشق الدولي ..  رئيس اتحاد غرف التجارة:  منصة رائدة لعرض القدرات الإنتاجية تسهيلاً لخدمات الحجاج.. فرع لمديرية الحج والعمرة في حلب "الزراعة" تمضي نحو التحول الرقمي.. منصة إرشادية إلكترونية لخدمة المزارعين  اجتماع تنسيقي قبل إطلاق حملة "أبشري حوران "   مبادرة أهلية لتنظيف شوارع مدينة جاسم الدولرة تبتلع السوق.. والورقة الجديدة أمام اختبار الزمن السلوم لـ"الثورة": حدث اقتصادي وسياسي بامتيا... حاكم "المركزي"  يعلن خطة إصدار عملة جديدة بتقنيات حديثة لمكافحة التزوير عبد الباقي يدعو لحلول جذرية في السويداء ويحذر من مشاريع وهمية "الأشغال العامة".. مناقشة المخطط التنظيمي لمحافظة حماة وواقع السكن العشوائي "حمص خالية من الدراجات النارية ".. حملة حتى نهاية العام  محمد الأسعد  لـ "الثورة": عالم الآثار خالد الأسعد يردد "نخيل تدمر لن ينحني" ويُعدم واقفاً