لم تحظ قضية على صعيد الشأن الاقتصادي بالتصريحات وطرح الأفكار وإثارة الجدل كما قضية المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
الجميع من مسؤولين وجهات تمويلية خاصة وعامة ومحللين اقتصاديين يدركون أهمية تنميتها وتذليل كل العقبات أمام انطلاقة فعلية وعملية لها خاصة بهذه المرحلة، وأنها الضامن والحامل الأساسي للاقتصاد، ومخاطر تعرضها لهزات اقتصادية أقل بكثير من تأثر المشاريع الكبيرة دون أن نغفل أنها كانت وراء نمو ونهوض اقتصادات العديد من الدول.
ومع هذا كله تبدو النتائج المحققة على الأرض متواضعة جداً وغير مسؤولة مقارنة بحجم الدعم والأهمية التي توليها الجهات العليا بالبلد لهذا الملف، وخير ما يدعم كلامنا استمرار صعوبات ومعاناة من يمضون بأعمالهم ومشاريعهم تحت تلك التسمية (على أهمية استمرار العديد منهم بالعمل والإنتاج بظروف استثنائية ) وحرص كل جهة على الاستحواذ بتبعية المشاريع إدارياً وتمويلياً لها بدلاً من الحرص على تضافر الجهود لإنجاز خطوات جادة وملموسة بهذا المجال.
من هنا سيبقى التفاؤل المشوب بالحذر سيد الموقف لدى المتتبعين لمجمل الخطوات التي تتخذها العديد من الجهات ذات الصلة بملف المشاريع الصغيرة بطريق وضع هذا الملف المهم والحيوي في سكته الصحيحة وتوحيد الإمكانات والجهود والكوادر للنهوض به وتذليل معيقاته.
ولأن الحذر المشروع من البعض تجاه أي مبادرة تصبّ بهذا الطريق مبرراً فإننا سنتبنى وجهة النظر المتفائلة وندرج هذه الإجراءات والحركة النشطة تجاه المشاريع الصغيرة ضمن الخطوات الإيجابية، والتي قد تؤسس لخطوات تكاملية مماثلة تتصدى لها جهات أخرى تصبّ في المحصلة في طريق الارتقاء بواقع عمل وأداء المشاريع الصغيرة والمتوسطة والعاملين فيها.
والبداية تكون بالتوصل لتعريف وطني موحد للمشاريع التنموية الذي شكلت لجنة خاصة لصوغه منذ سنوات، وتحديد مرجعية وآلية تنظيمية موحدة لتلك المشاريع، والعمل على تسهيل منح التراخيص لها وحماية ورعاية منتجاتها ويتم بالتوازي مع ذلك توفير التمويل اللازم لاستمراريتها، والأهم أن لا نعمل بردات الفعل والأنية أي لا تكون فورة تنتهي همتها مع الوقت لتعود نفس المشاكل والصعوبات للواجهة ولا نصل أبداً للجدوى والهدف المرجو.
والقطاع الخاص مطالب بهذه المرحلة بدور أكثر فاعلية وجدوى خاصة على صعيد الدعم التمويلي للمشاريع والورش الصغيرة والمتوسطة وإيجاد آليات تسويقية داخلياً وخارجياً لمنتجاتها.