الثورة _ رفاه الدروبي:
«السليقة» موسم تراثي من الزمن الجميل، وعادة سنوية يبدأ موسمها بعد الحصاد مباشرةً وتُحدِّد كلُّ عائلة الكمية الكافية لحاجتها من مؤونة البرغل.
أما كيفية تحضيرها فتبدأ بسلق القمح في قدر كبير «الحلة» وهي عبارة عن وعاء معدني كبير يستخدم لسلق القمح، فإذا كانت الكمية كبيرة يتمُّ تقسيمها إلى دفعات، وتتناوب العائلات على استعارتها من أصحابها، وتجتمع النسوة لمساعدة بعضهن البعض لإنجاز العمل والتحضير والتخزين، وتوضع الحلة على موقد الحطب فتتصاعد النار ويتعالى الدخان حتّى يغلي الماء، ويمكن اختيار القمح «القاسي» الُمتميِّز بحبته الكبيرة ولونه الذهبي للبرغل، بينما تحتاج مادة الطحين لنوع القمح الطري ذي الحبَّة الصغيرة الناعمة.
يبدأ العمل بمرحلة تنظيف القمح ويُسمَّى «التصويل» أي غسل القمح بالماء للتخلص من ذرات التراب والشوائب العالقة به، ويحضر إلى مكان السلق «موقد النار» المتكوِّن من مجموعة أحجار تُرتَّب، وتوضع الحلة فوقها، ثمَّ تشعل النار تحتها، وينقل القمح المصوَّل بوساطة السلال القشيَّة إلى الحلة، ويُسكب الماء فوق القمح حتى يغمرها، وتستغرق عملية السلق أكثر من ساعتين، ويدلُّ على نضوجها انتفاخ حبَّات القمح، ثمَّ تُغطَّى «السليقة» بقطعة قماش لبعض الوقت كي تختمر، ويكتمل نضجها على البخار، وتنقل وتنشر تحت أشعة الشمس كي تجفَّ، وتبقى لحوالي يومين تقريباً، ثم تُعبَّأ بأكياس، وترسل إلى طاحونة البرغل لطحنها.