مُحزنة مشاهد الفواكه الاستوائية التالفة في محال بيع المفرّق بدمشق، وهي ذات منشأ سوري من نتاج سلسلة التجديد والتجريب التي اختارها مزارعون في المنطقة الساحلية، للهروب من نمطية الإنتاج و”شيخوخة” الأصناف الزراعية التقليدية، وتراجع الجدوى.
تتلف منتجات الزراعة الجديدة لأنها ليست على قائمة أساسيات الأسرة السورية، كما أنها بعيدة عن عادات الاستهلاك..أي ليس لها زبائن ينتظرونها من الموسم إلى الموسم كما الفاكهة المحليّة المتأصلة تاريخياً في بيئتنا..أي هرب المزارعون “من تحت الدلف إلى ماتحت المزراب” كما يقال.. وخسروا مرّتين.
منذ بدايات خوض التجربة – تجربة الاستوائيات- كانت مخاوفنا من الوصول إلى هذه النتيجة، وطالبنا بأن تتصدى جهة حكومية لدراسة ثم إدارة توطين الزراعات الغريبة عن بلدنا، أي وزارة الزراعة تدرس صلاحية خصائص البيئة السورية لاستقبال زراعات غير مجربة لدينا، ثم وزارة الاقتصاد وغرف التجارة تدرس إمكانية تصدير هذه المنتجات، بعد أن تعطي وزارة التجارة الداخلية رأيها في احتمالات الاستهلاك المحلي للمنتجات الطارئة وقبولها وحاجة السوق المحلية منها.
لم يتدخل أحد ولم يسأل ولا حتى ينصح، وتُرك الفلاح ليجرب على مسؤوليته إن أخفق، وإن نجح ستسجل النجاحات في سجل إنجازات جهة ما !!
لا نظن أننا قمنا بتوطين الأصناف غير المألوفة لزوم التصدير مثلاً، لأن المواصفات لن تكون بذات الجودة التي تحظى بها تلك المنتجات في بلدانها الأصلية، لذا من سيستوردها يفضل أن يكون مصدرها بلدان المنشأ الأصلية..
الآن يجب أن تنعقد ورشات عمل علمية وميدانية حقلية، لدراسة التجربة السورية في توطين الزراعات الاستوائية، وبعدها نقرر إما نشجع وندعم أو نوقف التوسع بها، لاسيما وأن المناطق الساحلية ذات مساحات صغيرة وملكيات الفلاحين محدودة، لا يمكن للفلاح أن يغامر ويجرب ثم يخسر..لأنه سيجوع في المحصلة.
لابد للجهات الحكومية ذات الصلة وعلى رأسها وزارة الزراعة، أن تحسم القرار باتجاه الدعم والاستمرار، أو المنع ووقف التوسع في استهلاك الأراضي تجريباً.. ونحن بانتظار القرار.
نهى علي