الثورة _ لميس علي:
(معرفة اكتمال أنفسنا بمساعدة العقل «هي قاعدة» ضرورية كذلك بالنسبة لجميع الناس)..
يذكر «ميشيل فوكو» العبارة السابقة لأحد الفلاسفة، إلى جانب الكثير من العبارات والأقوال التي يدعم بها ما يذهب إليه في موضوعة «الانهمام/الانشغال بالذات»، والتي تفضي إلى الاهتمام بجوانب الحياة الفكرية والعقلية.
«لا أكلُّ من مساءلة نفسي بدهشةٍ مشروعة عن لماذا لا يعملون أيضاً على تحسين أنفسهم بمساعدة العقل»..
وبالتالي.. وحتى «نكون نحن أنفسنا» أو «نحوّل ذواتنا» أو «أن نرجع إلى ذواتنا» نحتاج العقل سيداً أول على مختلف أعضاء الجسد.
ذكر أحدهم أن الصحة الحقيقية هي الصحة العقلية.. التي يعوّل عليها في تسيير مختلف أمور المرء.. بما يعني أن يكون معافى في طرائق تفكيره.. أو «في الجوهر» حسب تعبير «نيتشه»..
فكيف نكون أصحاء أقوياء في الجوهر.. في الفكر.. وفي طرائق العيش التي تعكس ما نحن عليه ضمنياً..؟
أحياناً.. لربما أوصل مصطلح «الانشغال بالذات» إلى ممارسة شيء من العزلة.. أو بتعبير آخر «الاعتكاف» أو الالتفات إلى الذات، ويتمّ ذلك بقطع روتين العادات اليومية «لنكون وجهاً لوجه مع ذواتنا»..
وفق ذلك تكون يومياتنا مُعرّاة، تماماً من أي شيء «زائد»، ومخصصة لإنفاقها على تأملات.. أنشطة فكرية.. وقراءات.. وربما تمدّدت حالة النشاطات لتصل إلى اهتمامات بالجسد.. بالرياضة.. بالغذاء، تحصيلاً لنوع من تكامل الانشغال بالذات ظاهرياً وضمنياً.. بالهيئة الخارجية والداخلية/الفكرية.
غالباً.. وفق الملاحظة، أكثر الناس انشغالاً بذواتهم يكونون ذوي الاختصاصات الإبداعية..
ولكن هل يعود ذلك الانشغال إلى شيء من أنانية أم بسبب زيادة النضج والوعي بأهميته..؟
كيف نميّز هذه من تلك..؟
ربما انقلب ميزان الأشياء لدى البعض.. أو استقام لدى البعض الآخر، فعرفوا كيف يسيّرون الحال من أنانيةٍ إلى نضجٍ فنجحوا بتحويل ذواتهم.
بعضنا ما يحتاجه هو العودة إلى «ذاته»، معرفة كيف يصل إلى أصله وجوهره.. أن يرفع ما تراكم حول ذاته من غبار سنين طوال لتأثيرات خاطئة وسلبية..
هل نصل إلى ذلك وحدَنا..؟
من الأمور اللافتة التي تساعد بأن نكون أنفسنا.. أو «نحوّل ذواتنا».. نغيّرها.. أو نرجع إليها، يذكر «فوكو»: (وتظهر العناية بالذات مرتبطة صميمياً «بخدمة النفس» وتشتمل على إمكانية لعبة تبادلات مع الآخر ومنظومة التزامات متبادلة)..
هكذا يظهر مفهوم (التبادل)، إلى جانب (الآخر)..
ولهذا لا مبالغة في حالة الانعزال أو العزلة.. أو الاعتكاف.. حتى لو كان في خدمة (الذات).
ويبدو أننا سنضطر وصولاً إلى (الذات) المأمولة والمرغوبة، إلى سيل من الألعاب وفي مقدّمتها لعبة التوازن بين الانشغال بأنفسنا والانشغال بالتزاماتنا تجاه الآخر الذي يساعد بوصولنا إلى ذوات أكثر جمالاً وسلاماً.. ولا يزيد توهاننا عنها أو ضياعنا.