الثورة _ رفاه الدروبي:
ذكر الرحَّالة العربي ابن بطوطة بأنَّه عندما زار دمشق قال: «وفيها صُنَّاع أواني الزجاج العجيبة، وأنه رأى معامل الزجاج في دمشق تشتغل على طول الطريق المؤدِّي إلى جامع بني أمية الكبير».
وحسب توثيقات ابن بطوطة كان الزجاج يُلقَّبُ بالزجاج الدمشقي السحري لأنَّ صناعته تُعتبر مهنة عريقة اشتهرت بها دمشق، ولايزال السوريون رغم الآلات الحديثة الداخلة في صناعته يحافظون على الأسلوب التقليدي فيها، لتنشأ بين الرمل والنار حكاية حرفة تحكي سرَّ نجاحها، إذ أرسوا صناعة الزجاج ونفخه منذ آلاف العصور، كما أنهم مصرُّون على إحيائها.
التقت صحيفة الثورة الحرفي الدمشقي الأصيل محمد الحلاق فأشار إلى أنَّ هناك عائلات دمشقية تعمل في المهنة منذ ما يزيد عن 400 سنة، وسُمِّيت «القزَّازين أو القزَّاز» نسبة إلى صناعة الزجاج، حيث كانت العائلة تُورِّث المهنة لأحفادها من الذكور، لكن مع الأيام حملها أولاد بناتهم لتبقى حتى الآن مع عائلة الحلاق.
شيخ الكار بيَّن أنَّ منشأته لاتزال مستمرة في تصنيع الزجاج اليدوي في خان الزجاج بحي باب شرقي، وأرست عائلته دعائمها منذ القدم، وكانت من أوائل الورشات العاملة بنفخ المادة يدوياً، وبقي من عائلتهم الآن ثلاثة أشقاء يعملون في معملهم، رغم دخول الآلات الحديثة في صناعة الزجاج، إلا أنَّ المشغولات اليدوية مازالت تلقى اهتماماً واسعاً من قبل المجتمع المحلي والسُّيَّاح لأن الآنية الزجاجية الدمشقية اليدوية تعتبر تحفة فنية في المنازل والصالونات والفنادق الفخمة، ومازال الحرفيون يحافظون على الأسلوب التقليدي في صناعتها، موضِّحاً أنَّه مستمر في عمله رغم كل الظروف وأنَّ معمله ينتج القوارير، مزهريات الزينة، الأباريق، القناديل، حامل الشموع، الثريات، عناقيد العنب، ويعتمد في عمله بشكل أساسي على إعادة تدوير الزجاج، مستفيداً من القطع المكسورة كمادة خام لعمله.
أمَّا عن كيفية تلوين الزجاج فإنَّ الصنَّاع يتحكَّمون بألوانه عن طريق أكاسيد المعادن كالكروم والنحاس والحديد والفضة والألوان أحياناً حسب الطلب.