ملء فراغات..

كلّ ما تحذفه من رسائل بريدها الوارد على مختلف التطبيقات، يأخذ معه نسبةً عالية من الإحساس المتولّد عن قراءتها..

وكأنها تحذف ذاكرة انفعالية وتفعّل عوضاً عنها شيئاً من نسيان.. ولهذا أبقتْ المحادثة الأخيرة بينهما، كوسيلةٍ لتذكيرها بضرورة الحفاظ على رأيها وموقفها وصولاً لقرارها الذي لا عودة عنه هذه المرة.

حتى لو كنا مقتنعين بقراراتنا مئة بالمئة، لماذا نشعر بالعري إثر كل تجربة فقد أو خسارة..؟

يبدو أن أيّاً منا وكأنه أعزل من الحبّ.. الحماية.. المشاركة.. الصحبة.. وغيرها من مفردات تملأ فراغات حضورنا “الباهت”.. ولهذا نلوذ إلى أغطية (علاقات) حتى لو كانت “عِيرة/مستعارة”، ليست ذات جودة عالية، لتفعيل حاجة الدفء.. نحتمي بها خشية من برودة الوحدة وصقيع الخسارة والفقد.

تفقّدت تلك المحادثة مرّات عديدات.. وكأنها تستعيد الإحساس المرافق لها لحظة قراءتها أول مرة.. تخزّن هذا الإحساس حتى لا يفلت منها بفعل الزمن والروتين اليومي.

منذ أشهر طويلة لم تلجأ لا تخاذ أي قرار نهائي وحاسم بخصوص تواصلهما.. تركته يتأرجح وفق توقيت قناعاته وأهوائه لأنها على قناعة كاملة أن فاعلية قراراته بالحسم السلبي تساوي المحصلة صفر. ولهذا استرختْ وأخذتْ تراقبه بهدوء متمرّسةٍ تثق بحدسها.

لا تحبّ رسم النهايات.. لكن حين انزاحت قشرة الوهم الذي ندعوه “الحبّ”، أبصرت بقوة ووضوح للمرة الأولى، ذاك الخيط الفاصل بين ما يرتاح إليه قلبها وبين ما يحتكم إليه عقلها..

انحازت سريعاً إلى قرارها العملي ووضعت النهاية التي تليق بجلال “العقل” الذي تسيّده في كل تجربة حياتية مصيرية أو حتى عاطفية تخوضها.

“الوهم”.. الكلمة المفتاحية التي سيطرت على تفكيرها..

فكيف يمكن للحبّ أن يكون أجمل حقائقنا، وبذات الوقت ينتهي إلى مجرد وهم..؟

في كتابه (وهم الذات) يعرّف “بروس هود” اختصاصي علم الأعصاب المعرفي، الوهم (على أنه إدراكنا للشيء على غير ما هو عليه)، ويذهب للقول إن (الذات محض وهم) وإن (إحساسنا بذواتنا الذي يدنو من كونه هلوسة، قوامها التوفيق بين الأجزاء المتفرقة في نسيج واحد).. كأنه يقول إن (إحساسنا بذواتنا مصطنع)، فماذا عن إحساسنا بالآخر..؟

إحساسنا بذواتنا “مصطنع”، يضع احتمال إحساسنا بالآخر ليكون مصطنعاً، في كفة الرجحان..

ولطالما يؤكد العلم على أن ما يقوم به الدماغ هو (ملء فراغات)، فلا غرابة أننا بشكل غير واعٍ نرسم طوال الوقت، حكايات وسيناريوهات عنّا وعن الآخر.. نملأ فراغات.. وربما اخترعناها لنقوم بملئها.. وجملة أوهامنا قادرة على اختراعها وفق ما تشتهي تهيؤاتنا.. وهو ما يرجّح أن اندفاعات مشاعرنا وأحاسيسنا تنجم عن شبكة أوهام يتفنن العقل بصنعها.

اندفاعاتها جعلتها تملأ فراغات حكايتهما كما ترغب لها أن تكون، وبدوره فعل الشيء ذاته.. لم تتقاطع فراغاتهما سوياً.. ولم يتمكّنا من إنتاج نسيج قابل للعيش بين مساحات الأوهام الناتجة عن ذات كل منهما.

 

 

آخر الأخبار
إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم السوداني يعلن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان في العراق المتحدث باسم الجنائية الدولية: ضرورة تعاون الدول الأعضاء بشأن اعتقال نتنياهو وغالانت 16 قتيلاً جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في سومطرة الأندونيسية الدفاعات الجوية الروسية تسقط 23 مسيرة أوكرانية خسائر كبيرة لكييف في خاركوف الأرصاد الجوية الصينية تصدر إنذاراً لمواجهة العواصف الثلجية النيجر تطلب رسمياً من الاتحاد الأوروبي تغيير سفيره لديها جرائم الكيان الإسرائيلي والعدالة الدولية مصادرة ١٠٠٠ دراجة نارية.. والجمارك تنفي تسليم قطع ناقصة للمصالح عليها إعادة هيكلة وصيغ تمويلية جديدة.. لجنة لمتابعة الحلول لتمويل المشروعات متناهية الصِغَر والصغيرة العقاد لـ"الثورة": تحسن في عبور المنتجات السورية عبر معبر نصيب إلى دول الخليج وزير السياحة من اللاذقية: معالجة المشاريع المتعثرة والتوسع بالسياحة الشعبية وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى