“الاستهلاك الإعلامي بين شرق وغرب”

بينما تعد الأفلام، والبرامج التلفزيونية القادمة من الدول المتقدمة بمثابة نافذةٍ على عالمٍ جديدٍ، تتيح للناس في الدول النامية التعرف على ثقافاتٍ، وحضاراتٍ مختلفةٍ، فإن الناس في الغرب يفضلون منتجاتهم المحلية على الأخرى المستوردة مما يعكس اهتمامهم واعتزازهم بثقافتهم، وتاريخهم. لقد أثرت العولمة بشكلٍ كبيرٍ على سلوك الاستهلاك الإعلامي إذ أصبحت الوسائط الغربية أكثر انتشاراً في جميع أنحاء العالم، ففي الدول النامية، يشاهد الناس بشكلٍ متزايدٍ البرامج التلفزيونية، والأفلام الغربية، ويستمعون إلى الموسيقا الغربية، ويستخدمون مواقعَ التواصلِ الاجتماعيّ الغربية أيضاً.. وهذه الظاهرة تؤدي بدورها إلى تهميش الثقافة المحلية، مما قد يشكل تهديداً للهوية الثقافية للبلدان النامية.

أما الاختلافات الثقافية فإنها تلعب دوراً هاماً في تشكيل سلوك الاستهلاك الإعلامي ففي بعض الثقافات، تعد مشاهدة التلفزيون، أو قضاء الوقت على (الإنترنت) نشاطاً اجتماعياً، حيث يجتمع أفراد العائلة، أو الأصدقاء لمشاهدة برنامج معاً، أو لمناقشة موضوع عبر وسائل التواصل، أما في ثقافاتٍ أخرى فقد يُنظر إلى هذه الأنشطة على أنها فردية، ويفضل الناس قضاء الوقت بمفردهم أمام التلفزيون، أو (الكمبيوتر).

وكما أن الثقافة تلعب دوراً هاماً في تشكيل أنماط استهلاك الشعوب للوسائط الإعلامية فإن ثقافة الاستهلاك ذاتها في البلدان المتقدمة تشجع على التجديد المستمر الذي يتسبب بسرعة ملل الناس من تلك الوسائط فيبحثوا عن بدائل أخرى أكثر تفاعلية كمنصات البث المباشر مثلاً.

كذلك فإن العوامل الاقتصادية هي من أهم الأسباب التي تؤثر على سلوك الاستهلاك الإعلامي، فمع ارتفاع مستوى دخل الفرد يزداد إنفاق الناس على الترفيه مما يتيح لهم خيارات أوسع، وأكثر تنوعاً في استهلاك الوسائط، أما الوصول إلى التكنولوجيا فهو من أهم العوامل أيضاً التي تؤثر على هذا السلوك، وأما الانتقادات التي توجه إلى وسائط التواصل الاجتماعي بسبب تأثيرها السلبي على الصحة النفسية، والعلاقات الاجتماعية فهي الأخرى لا تعدم تأثيرها على الناس فتقلل من رغبتهم في استخدامها ليتوجهوا بالتالي إلى البدائل.

سحر يختلف تاثيره من شخصٍ لآخر، ومن مجتمعٍ لآخر.. وإذا كانت وسائل الترفيه هذه بما فيها الرقمية منها هي بمثابة أداة للتغيير، والتطور في البلدان النامية فإنها ليست أكثر من ترفيه عابر لدى الغرب، والفجوة الرقمية التي تفصل بين الدول تؤثر بالتالي على أنماط استهلاكها.. إلا أن ظاهرة الانجراف وراء ما يأتي من الغرب ثقافياً، وفنياً، ومعلوماتياً تؤدي في المحصلة إلى الذوبان فيه.

وبغض النظر عن الاهتمام، أو اللا مبالاة، فإن وسائط العصر المتعددة سواء أكانت للترفيه والتسلية، أم للاطلاع على ثقافات متنوعة فقد أصبحت حقيقة حاضرة في حياتنا، لكن الأهم من ذلك هو أن ندرك تأثيرها لنستخدمها بذكاءٍ، ومسؤولية، ولنساهم في بناء مجتمعاتٍ أفضل بعد تشابك الثقافات وتداخل المؤثرات. ويبقى استهلاك هذه الوسائط قضية معقدة تتأثر بعوامل متعددة، منها الفجوة الرقمية بين شرق وغرب، والاحتياجات كما الرغبات، والتنوع الثقافي أيضاً.. ولذلك لا يمكن تعميم نمطٍ واحدٍ على جميع الأفراد، والمجتمعات، فلكل شخصٍ تجربته الفريدة، ولكل مجتمعٍ ثقافته الخاصة التي تشكل ذوقه، واهتماماته.

إنها الرحلة عبر الفوارق الثقافية، والتأثيرات المتباينة في عالمٍ تتشابك فيه الحدود، وتصبح المعلومات في متناول الجميع، لتبرز ظاهرة اختلاف أنماط الاستهلاك الإعلامي بين الشرق والغرب.

تلعب العوامل الثقافية والاجتماعية دوراً هاماً في تشكيل سلوك الاستهلاك الإعلامي، ففي بعض الثقافات الشرقية تعطى الأولوية للمصادر الإعلامية الرسمية، بينما يُنظر إلى المصادر المستقلة على أنها غير موثوقة.. أما ثقافة القراءة فقد تكون أقل انتشاراً في الشرق عنها في الغرب وهذا مما يقلل من رغبة الناس في متابعة الأخبار، والمعلومات من خلال الصحف، والمجلات.

إن سلوك الاستهلاك الإعلامي ظاهرة معقدة تتأثر بمجموعةٍ من العوامل المختلفة، الاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية.. ففهم هذه العوامل يساعدنا على فهم التناقض الموجود بين سلوك الاستهلاك الإعلامي في الدول النامية وفي الدول الغربية.. ولكن الأهم هو أن ندرك أن هذا التناقض ليس ثابتاً، بل هو قابل للتغيير مع مرور الوقت وتغيّر العوامل.

 

 

آخر الأخبار
تعزيزاً للأمن الغذائي.. مخبزان جديدان بريف إدلب  وقفة تضامنية في درعا مع المتطوع المختطف حمزة العمارين   "السياحة" تعلن نتائج الثانوية الفندقية بنسبة نجاح 74.93 بالمئة دراسة مواقع سياحية محتملة للاستثمار بحمص   استجابة شباب القرى… حين وقف أبناء بيت ياشوط سداً أمام ألسنة النار    إعلام عبري: "إسرائيل"  تعتزم استدعاء 100 ألف جندي لاحتلال غزة  إزالة التعديات على الشبكة الكهربائية في درعا خدمات مميزة لمرضى الجلد  في مستشفى الجولان الوطني نعيم أقبيق لـ"الثورة" : تصريحات نتنياهو تتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة وتعكس عدوانية الكيان قمة بوتين- ترامب.. هل تمهد لحلّ الملفات الشائكة؟ قراءة في توافق تقريري لجنة التحقيق الدولية واللجنة الوطنية الباحث جواد خرزم: الشفافية وترسيخ القانو... باراك: تقرير لجنة التحقيق الدّولية بشأن سوريا إنجازٌ ملموس وقابل للقياس الدفاع التركية تجدد دعمها لوحدة سوريا وسلامة أراضيها عشية قمة ألاسكا.. مخاوف أوروبية من صفقة ترامب وبوتين على حساب كييف الأدلاء السياحيون.. سفراء النهضة على أبواب التاريخ التدخلات الإسرائيلية.. العائق الأكبر أمام تعزيز الأمن والاستقرار في سوريا عودة أكثر من 411 ألف سوري إلى بلادهم من تركيا منذ كانون الأول الماضي شبابنا... تفاقم أزمات وطاقات خارج الاستثمار من الاستنفاد إلى الانطلاق.. 17 ألف طالب حتى الآن يستعيدون مستقبلهم الجامعي إدانات عربية وإسلامية لتصريحات نتنياهو: تهديد للاستقرار وتعد على سيادة الدول