الثورة – مريم إبراهيم:
على مدى أيام تقام أنشطة وفعاليات مختلفة وندوات تناقش واقع الشباب بجوانب عدة، إذ تأتي كخطة عمل لتنفيذ هكذا فعاليات في يوم الشباب العالمي والذي يصادف 12 آب من كل عام، وأقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 17 كانون أول 1999، ليكون بمثابة احتفال سنوي بدور الشباب كونهم شركاء أساسيين في التغيير، ويعد فرصة للتوعية بالتحديات والمشكلات التي تواجه هذه الفئة في كل أنحاء العالم.
أعمق من الحدث
ويبدو الحديث عن الشباب السوري بشكل عام أكثر تعقيداً، فمن المؤكد أن طرح واقع الشباب والاهتمام بقضاياهم ومشكلاتهم لن يجد الحلول المناسبة والمأمولة بنسب مقبولة في ندوة أو محاضرة أو فعالية هنا وهناك لندون فقط أننا احتفلنا بيوم الشباب بل الأمر يأخذ بعداً أعمق عندما يتعلق الحديث بالشباب وهم الفئة الهامة ودورهم في المجتمع كفئة عمرية تتراوح أعمارهم بين 15 و30 عاماً، وهم يمثلون طاقة المجتمع وأمل المستقبل، ويمتلكون القدرة على التغيير والمساهمة في تطوير المجتمع بطرق متنوعة، بما في ذلك الابتكار والمشاركة الفعالة في الأنشطة الاجتماعية والسياسية، وبالتالي البحث في قضاياهم يتطلب خططاً واستراتيجيات مدروسة، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي عاناها ويعانيها شبابنا جراء الحرب على سوريا، وما أفرزته من آثار سلبية أرهقت جيل الشباب، وجعلهم يواجهون كماً كبيراً من المشكلات والتحديات، في الوقت الذي يجب أن يكونوا فيه مساهمين فاعلين في قلب عملية التنمية والبناء.
في عيونهم يعاني
شباب سوريا اليوم من واقع صعب عكس حالة إحباط لدى الغالبية العظمى من هؤلاء الشباب ممن وجدوا أنفسهم في ظروف غير مألوفة لهم، وخارجة عن خططهم وأهدافهم وطموحهم التعليمي.
بحسرة وصوت مخنوق يشرح عمار عيد، وعلي محمود، ولؤي الجلاد، وآخرون المعاناة التي وجدوا أنفسهم يواجهونها، إذ اضطروا لترك دراستهم الجامعية لإعالة أسرهم بعد فقدان الأب الذي كان يقوم بالمهمة، كما أنهم يعملون في مهن قاسية، ودوام طويل لأجل دخل مادي بسيط يكون عوناً لهم في مهمتهم، في وقت كان طموحهم يسابق خطاهم ليحجزوا مكانة تعليمية مرموقة لهم في التحصيل العلمي، فحلم الطبيب والمهندس والمدرس وغيره من الأحلام ذهبت أدراج الرياح مع الكم الكبير للمعاناة والتحديات.
تفعيل أدوار
الباحث في إدارة الأعمال والاقتصاد المهندس مأمون حمدان، يبين في لقاء لصحيفة الثورة أهمية تفعيل دور الشباب في نهضة المجتمع، والذي يمثل عنصراً حيوياً في تحقيق التنمية المستدامة، من خلال تمكينهم وتوفير الفرص المناسبة لهم، والتي تمكنهم من المساهمة في إيجاد حلول للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية، وضرورة تفعيل أدوارهم وإشراكهم في صنع القرار وهذا بحد ذاته يعزز من إحساسهم بالمسؤولية العالية، ويساهم في بناء مجتمع قوي ومتماسك من جميع الجوانب.
وأضاف المهندس حمدان: إن الشباب السوري يعاني من أوضاع معيشية صعبة للغاية بسبب الحرب والوضع الاقتصادي المتردي، وهناك المشكلات الكبيرة مثل البطالة والفقر، وشباب كثر هاجروا، ومنهم من يفكر بالهجرة غير الشرعية بحثاً عن مستقبل أفضل، حتى مع الأخطار التي تترتب على هذه الهجرة، فواقع الشباب صعب حيث ارتفاع معدلات البطالة والفقر، مما يجعل من الصعب عليهم تلبية احتياجاتهم الأساسية، إذ سببت الحرب تدمير البنية التحتية في سوريا، بما في ذلك المدارس والمستشفيات والطرق، مما أثر على الخدمات الأساسية التي يحتاجها الشباب، وتوقفت الكثير من المدارس والجامعات عن العمل، مما أثر على تعليم الشباب وفرصهم في الحصول على وظائف جيدة في المستقبل تناسب دراستهم وتخصصاتهم، وبالرغم من الظروف الصعبة والتحديات، لا يزال لدى العديد من الشباب السوري نافذة أمل في مستقبل أفضل لهم، ويسعون جاهدين بعزيمة وقوة لتحقيق أحلامهم وتطلعاتهم قدر المستطاع.
وأشاد بقدرات الشباب ودورهم في التنمية المجتمع من خلال قدرتهم على الابتكار والتغيير، وهم يحملون الطاقة والحماس اللازمين لتحقيق التقدم، وكذلك المساهمة في مختلف المجالات سواء في التكنولوجيا والتعليم، والبيئة، والعمل الإنساني، والاقتصاد، كما أنهم قادة المستقبل، ويحملون مسؤولية بناء مجتمعات أقوى وأكثر استدامة عبر الابتكار والتغيير وامتلاك طاقة وحماساً كبيرين، ما يدفعهم للمشاركة في مختلف الأنشطة المجتمعية والمساهمة في التنمية، والشباب هم قادة المستقبل، وضروري جداً توفير فرص التعليم والتدريب والتمكين للشباب لتمكينهم من اكتساب المهارات والمعرفة اللازمة للمشاركة الفعالة في أي عملية تنمية، مع توفير الدعم المالي للشباب لتنفيذ مبادراتهم ومشاريعهم، والمهم توفير فرص عمل لهم لتمكينهم من الاعتماد على أنفسهم والمساهمة في التنمية الاقتصادية، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم وقدراتهم، وبذل أقصى الجهود للاستثمار في هذه الطاقات والقدرات بجميع أشكال الاستثمار، حيث إن هذا لاستثمار من شأنه أن يحقق أفضل جدوى وفائدة في مجالات التنمية.
مبادرات وأدوار
من جهتها تبين المرشدة الاجتماعية سمر هلال أهمية مبادرات تعزز دور الشباب في تطوير المجتمع، خاصة برامج التطوع والمشاركة المجتمعية، حيث يمكن أن تحقق برامج التطوع أدواراً هامة في تعزيز انخراط الشباب في مجتمعاتهم.
ومن خلال هذه البرامج يتم تمكين الشباب وتحسين مهاراتهم الاجتماعية والشخصية، وكذلك توسيع شبكة علاقاتهم، وتشجيع ريادة الأعمال بين الشباب، إذ إن التركيز على ريادة الأعمال يعد خطوة حاسمة لتمكين الشباب، من خلال توفير التدريب والدعم المالي، ويمكن تشجيعهم على بدء مشاريع جديدة تساهم في رفع مستوى الواقع المحلي الاقتصادي والمجتمعي، وهذه المبادرات تعزز الابتكار وتوفر فرص العمل للشباب، ما يساعدهم على تحقيق الاستقلالية المالية.
وتوضح المرشدة هلال ضرورة أن يولى الشباب السوري الأهمية الكبيرة في خطط التنمية والبناء والاستثمار، فهم الركيزة الأساسية التي تبنى عليها الأوطان، مع لحظ وضع الحلول المناسبة لمشكلاتهم الكثيرة، والتي أخذت تزداد تفاقماً خلال الحرب، وباتت الهجرة ضمن أولويات تفكير الشباب، وهذا يدق ناقوس الخطر لخطورة الهجرة والتي تؤدي لخسارة الكفاءات والقدرات الكبيرة للشباب السوري، في وقت البلد بأمس الحاجة لهذه الكفاءة والخبرة في عملية البناء، كما أن مشكلة البطالة تعد من أبرز القضايا الملحة التي تحتاج إلى حلول جذرية من قبل مختلف الجهات، ويترتب عليها الآثار السلبية الكثيرة، والتي تدفع إلى هجرة الشباب وارتفاع معدلات الجريمة وزيادة مستويات الفقر في أوساط المجتمع، وأسباب البطالة كثيرة، وتتمثل في عدم توفر فرص العمل، وعدم وجود الخبرة الكافية وضعف التدريب والكفاءات الوطنية وعدم توافر الخبرات العملية لمعظم الخرجين، وغياب المتابعة والدعم، وتوظيف بعض الشباب في أعمال وأشغال مؤقتة ولا تحتاج لخبرات وأجور متدنية جداً لا تكفي لتحقيق أي هدف من أهدافه ولا تزيد من خبراته، ما يفاقم من المشكلة ويزيدها تعقيداً مع انعدام الحلول المناسبة للمشكلة أو الحد منها.
مُستمرّة في التّناقص
وفقَ مُنظّمة الأمم المتّحدة للتربية والعلم والثّقافة (اليونسكو) فإنّ نسبة الشّباب في العالم تُقارب 18 بالمئة من مجموع سكّانه؛ حيثُ يتواجد في العالم ما يقارب 1.2 مليار شخص يقعون ضمن فئة الشّباب، ومن المتوّقع زيادة عددهم بما مقداره 72 مليوناً في الأيام القادمة وحتّى حلول عام 2025م، كما أنّ الإحصائيات تُشير إلى أنّ أعداد الشباب في الجيل الحالي تفوقُ أيّ عددٍ مضى عبر التاريخ، وعلى الرّغم من هذه الإحصائية ومن العدد الكبير للشباب والزيادة المستمرّة فيه، إلّا أنّ نسبتهم مُستمرّة في التّناقص مع زيادة نسبة كبار السنّ حول العالم.