إذا كان الحديث يطول عن مختلف الخدمات الحكومية المقدمة في المحافظات، فإن الحديث الأطول بين هذه الخدمات يجب أن يذهب وإلى أبعد الحدود في ملف المياه، و ما يعتريه من فوضى واضحة، وصلت ببعض المزارعين حد قلع مواسمهم، لعدم قدرتهم على تأمين مياه الري الصالحة لري المواسم الزراعية.
اللافت في مكان آخر تعديات كبيرة على خطوط مياه الشرب في بعض الأرياف، بغية ارواء المزارع الكبيرة، وترك المواطنين من دون مياه شرب، أو حتى مياه لازمة لممارسة حياتهم اليومية، وبالتالي خلق فرص لاستغلال جديد تحت مسمى صهاريج المياه، وهي ليست إلى حالة وشكل جديد من أشكال المتاجرة، واستغلال حاجة الناس.
لاشك أن ما يحدث من مشكلات ظاهرة فرضها واقع المياه، ليس وحده كامل المشهد، فخفايا المتاجرة والاستغلال في هذا الملف تبدو الأكثر قلقاً، وتجعل من الأهمية أن يكون ملف المياه “رقم واحد” على طاولة الحكومة.
ولماذا ملف المياه؟!.. بالتأكيد أولاً- لارتباطه باستمرار الحياة الطبيعية، وتطورها بدل من تدهورها.
أما ثانياً- لما له من تكاليف مضاعفة، فعند تقتير المياه وتراجع حضورها، فإن الأمر ينعكس بالتأكيد على القطاع الأول في سورية وهو القطاع الزراعي.
وثالثاً- الأثر البالغ على القطاعين الصناعي الغذائي والتجاري، وتأمين الاكتفاء الذاتي الغذائي لجهة وتأمين رافد اقتصادي لجهة ثانية.
إذاً.. مؤشرات إعادة النظر في تنظيم قطاع المياه ومواردها وحمايتها، تبدو ظاهرة وبشدة، بل إنها الأولوية القصوى، لما تشكله من ارتباط ببقية القطاعات الإستراتيجية ذات الأولوية الملحة، بدءاً من تأمين المياه الصالحة للشرب.
وهنا علينا أن نذكر بحجم الاعتداءات الإرهابية مع بدء الحرب العدوانية على بلدنا، وغيرها من الأسباب وتأثيرها على موارد المياه الطبيعية، وصولاً إلى مياه الري (الري الحديث) وما وصلت إليه الخطط الحكومية في هذا المجال.