حسين صقر
يقولون:»مابين طرفة عين والتفاتتها، يغير الله من حال إلى حال»، لابد من أخذ الحيطة والحذر، وما على الإنسان إلا أن يأخذ حصول الكوارث والمصائب في الحسبان، ويحتاط لها، وتراه يحسب ألف حساب لتجاوز تلك الكارثة، وذلك على صعيد منزل لا تتعدى محتوياته بعض الأثاث والأغراض الشخصية، فما بالنا إذا كان دولة ومؤسسات؟! وماذا لو كان هناك في كل مؤسسة آلاف السجلات والأضابير التي تتضمن كماً هائلاً من المعلومات والكتب، وهذه السجلات معرضة في أي وقت للتلف والفقدان لسبب أو لآخر، ولهذا تعمل المؤسسات الكبيرة الخدمية والمالية والاقتصادية والثقافية وحتى السياسية في بعض الدول، للاحتفاظ بنسخة أخرى في مكان آخر، وهذا المكان أيضاً مجهز ببعض التجهيزات والمكاتب والمستلزمات لتأدية الخدمات أثناء الطوارئ، ولديه أيضاً كادر مدرب وجاهز للانتقال باللحظة المناسبة إلى المكان البديل أو الاحتياط في حال حصول أي طارئ، وذلك بهدف تسيير الأمور مهما علا شأنها، أو تعاظمت حاجتها، فكل شيء جاهز بدءاً من القرطاس والقلم وليس انتهاء بالحاسوب والهاتف والطابعة والفاكس وما هنالك من حاجات أخرى للعمل، وفي هذا السياق تواصلت «الثورة» مع المهندس عبد المنعم قاسم المختص بشؤون الأمن الوقائي وإدارة الكوارث، والذي قال: من المعروف أنه يوجد في كل مؤسسة قسم يسمى إدارة المحفوظات والسجلات، يوصي دائماً بأن يكون لكل الإدارات التابعة للمؤسسة الأم ومكاتبها البعيدة عن مقرها الرئيسي والوحدات الأخرى التابعة لها نظام لحفظ الدفاتر عبر نظام لإدارة السجلات الحيوية، بحيث تكون آمنة ومتاحة في حالة حدوث كارثة أو في حالات الطوارئ، وينبغي أن تتضمن عملية الحفظ ليس فقط ماهو ورقي أو إلكتروني، بل وجود كادر ينطلق بشكل آلي إلى مكان العمل البديل بإشارة من مديره في العمل، شرط ألا يستغرق الأمر سوى المسافة الفاصلة بين المكانين، وهو مايسمى نقل المعارف والمعلومات، وأضاف قاسم: إن عواقب الكوارث لاتنحصر، ويمكن أن تأتي على كل من في المبنى، من الضروري أن يكون هناك أشخاص يداومون بشكل جزئي في المكان البديل، ليصبحوا مسؤولين عن تنفيذ هذه المهمة في اللحظة المناسبة، ولديهم سجلات تتضمن كل مايلزم لاستمرارية العمل وتأديته وكأن شيئاً لم يحصل، وأوضح على الفور يقوم هؤلاء بوضع خطة وإجراءات لحماية السجلات الحيوية الموجودة لديهم، ليكون برنامج العمل في هذا السياق دائماً من خلال وضع مجموعة من الخطط لاستعادة السجلات الحيوية وإعادة إنشائها في حالة وقوع كارثة أخرى، ونوّه قاسم بما أننا نعيش العصر الرقمي، يمكن تسخير التقنيات لحفظ السجلات والكتب الضرورية وحمايتها بطريقة لا تتعرض للفقدان نتيجة فيروسات إلكترونية قد تتسبب في عطبها، حيث يعد الحد من مخاطر الكوارث جزءاً متكاملاً من التنمية السليمة والعادلة، والحماية البيئية، والتخطيط ضد المخاطر أمر مهم لحماية كل ما يتبع للمنشآت من كوادر بشرية ومستلزمات مادية، ولهذا تقتضي المسؤولية الاجتماعية والحكومية حيال ذلك إقامة الدورات واللقاءات التي تتضمن برامج التوعية الهادفة وتضم كوادر من مختلف القطاعات، وكل حسب اختصاصه للاستمرار في العمل، واضطلاع كل شخص بدوره والقيام من موقعه بما يلزم كأن يكون هناك خبراء ومدربون من كل وزارة يتعاونون في هذا الأمر كل حسب اختصاصه ومعرفته، وأضاف قاسم: كما أن هناك دوراً كبيراً للإعلام ببث برامج التوعية ليندرج ذلك على مستوى العائلات والمنازل، حيث هناك الكثير من الأسر التي فقدت أهم الوثائق الخاصة بها خلال الحرب العدوانية على سورية، نتيجة خروجها الطارئ من المنزل، أو نتيجة اعتداء إرهابي أو ماشابه، و فقدت معها كل ما هو ضروري، فلو احتفظ هؤلاء بنسخ في أماكن خاصة بهم أو عند مقربين أو تبادل الناس عمليات الحفظ تلك، لما واجه أي مواطن صعوبة في استخراج البديل الضائع، وختم أن الحديث في هذا الشأن يطول، ولو انطلق كل فرد أو مؤسسة من ذاته لما واجهنا أي صعوبات في الاستمرار بالأعمال ومواجهة الكوارث، وهذا بالطبع لن يتم بين ليلة وضحاها، لكنه يحتاج أولاً إلى النية والإرادة والتصميم، ثم توظّف له الإمكانات اللازمة.
