الثورة – سيرين المصطفى
تسعى كثير من الأسر في المجتمعات السورية والعربية إلى تربية أبنائهم ليكونوا متفوقين في الدراسة والسلوك والمظهر، غير أن بعضهم يلجأ إلى وسائل عقابية قاسية مثل الضرب أو الحرمان أو العزل، معتقدين أن هذه الطرق تضمن الانضباط، غير أن الدراسات الحديثة تؤكد أن هذه الأساليب قد تكون ضارة أكثر مما تنفع، وأن أثرها السلبي قد يمتد على المدى الطويل.
أساليب العقاب الشائعة وتأثيراتها
تشمل أبرز وسائل العقاب القاسي المنتشرة بين بعض العائلات السورية: الضرب الجسدي، الحرمان من الطعام أو الموارد الأساسية، العزل في غرف مغلقة، ومنع الطفل من التواصل مع أقرانه. وتشير الأبحاث إلى أن هذه الممارسات تؤدي غالبًا إلى نتائج عكسية مثل زيادة السلوك العدواني، وتدهور الصحة النفسية، وانخفاض التحصيل الدراسي.
أسباب تمسك الأهل بهذه الممارسات يرجع بعض الأهالي استخدام هذه الوسائل إلى عدة عوامل، منها الضغط المجتمعي والسعي لتميّز الأبناء، واستمرار تأثير التربية التي تلقوها هم أنفسهم في طفولتهم واعتبارها أمرا طبيعيا، إضافة إلى نقص الوعي بأساليب التربية الحديثة، والشعور بالعجز عن ضبط السلوك بطرق بديلة.
الآثار النفسية والسلوكية على الأطفال
يحذّر الاختصاصيون النفسيون من أن العقاب القاسي قد يترك آثارا خطيرة مثل القلق المزمن، وانخفاض احترام الذات، وتبني سلوكيات عدوانية أو انطوائية، إلى جانب تراجع الأداء المدرسي واضطرابات النوم، وهي آثار قد ترافق الطفل حتى مرحلة البلوغ.
البدائل الإيجابية للتربية
يوصي خبراء التربية بتبني أساليب بديلة تقوم على التعزيز الإيجابي، والحوار المفتوح مع الطفل لفهم احتياجاته، وتحديد قواعد واضحة للسلوك مع شرح العواقب مسبقا، والابتعاد التام عن العقاب الجسدي، مع التركيز على بناء الثقة بين الأهل والأبناء.
وتتطلب تربية الأطفال مسؤولية وعيا بأساليب فعّالة تراعي نفسية الطفل وتدعمه لبناء شخصية متزنة. وعلى الرغم من أن العقاب القاسي قد يحقق انضباطا وقتيا، إلا أن كلفته النفسية والسلوكية باهظة، مما يحتم على الأهل اعتماد تربية إيجابية تضمن مستقبلًا أفضل لأبنائهم.