الثورة – إخلاص علي:
بين الرغبة في زيادة ساعات التغذية الكهربائية والخوف من رفع أسعار الكهرباء، يعيش الشارع السوري حالة ترقب لما ستحمله له الأيام القادمة، ولاسيما بعد تصريحات وزير الطاقة حول كلفة الكيلوات من الكهرباء والتي حددها بـ ١٤ سنتاً.
حالة القلق من رفع أسعار الكهرباء أتت متزامنة مع دعوات وجهها الصناعيون لتخفيض أسعار الكهرباء والمحروقات، كي يستطيعوا مواجهة المنتجات المستوردة من كل صوب، ولكن السؤال هل ستبدّد الحكومة حالة القلق لدى المواطنين وتستجيب لصوت الصناعيين والمنتجين؟
ثنائية الحماية والدعم
في هذا الإطار يرى الخبير الاقتصادي والأكاديمي الدكتور زياد عربش أن تخوّف المواطن وقلق الصناعيين مبرّر وليس بجديد، فالمعاناة بالنسبة للكهرباء والمحروقات كبيرة وعبّرت عنها كل الشرائح، وقد لقي ذلك استجابة لدى الحكومة بغض النظر عن حجمها وتأثيرها.
وأوضح عربش في تصريح لـ”الثورة”- تاكيداً على ما سبق- أن الحكومة عملت خلال الأيام الماضية على تخفيض أسعار حوامل الطاقة للصناعيين كون مجمل مَن يعمل في النشاط الاقتصادي بما فيهم المزارعون الذين يعانون “الأمرّين” للمحافظة على أسواقهم حتى في سوريا قبل التوجه إلى أسواق التصدير، فكلف الإنتاج تعتبر مرتفعة مقارنة بالسلع الأجنبية التي تغزو الأسواق، إذ نرى الإغراق من المنتجات التركية والسعودية ودول الجوار بجودة أعلى وتكلفة أقل مقارنة بالسلع المحلية.. ويرى الصناعيون أن ارتفاع كلفهم بسبب ارتفاع أسعار إنتاج الطاقة هي جزء رئيسي من العملية الإنتاجية.
وتابع عربش: السؤال المطروح هنا هل ستعمل الحكومة على المحافظة على أسعار مدخلات الإنتاج للصناعيين كما هو الحال الآن أم ستزودها؟ فالحكومة تريد أن تحمي المواطن ذا الدخل المحدود بعدم رفع سعر الكهرباء، ومن جهة أخرى تريد دعم الصناعيين، المعادلة صعبة.
سينعكس ارتفاعاً عاماً
وحول انعكاس رفع أسعار الكهرباء على الأسواق قال عربش: أي رفع لسعر الكهرباء أو أي من مشتق من حوامل الطاقة لأي شريحة معينة سينعكس ارتفاعاً عاماً للأسعار مهما بذلت الحكومة من برامج دعم وحماية لأي فئة، والسؤال الذي يطرح حول رفع الأسعار هنا وفي هذا الوضع والتوقيت، هل سيتم رفع الأسعار لتغطية فاتورة استيراد الغاز الأذربيحاني أم ماذا؟ ورداً على سؤال لنا حول انعكاس رفع الأسعار ودوره في التوجه للطاقات المتجددة بين عربش أن الحديث عن تحرير الأسعار بشكل كامل ورفع أسعار الكهرباء سيؤدي إلى مزيد من استخدام الطاقة الشمسية نظرياً لكن بالمقابل قد نشهد حالات تعدٍ على الشبكة كفاقد تجاري نتيجة ارتفاع أسعار الكهرباء إذ يصبح الأمر مغرياً لبعض ضعاف النفوس للتهرّب من دفع الفواتير المرتفعة.
دعوة لتسريع الاستثمارات
وللخروج من أزمة الكهرباء دعا عربش إلى الإسراع بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة مع المستثمرين العرب وخاصة الجانب القطري بالإضافة إلى أن هناك العديد من الشركات العالمية التي أتت للاستثمار في الطاقات المتجددة للوصول إلى نسبة 10- 15 بالمئة من الطاقة الإنتاجية للكهرباء بسوريا.
وأشار إلى أن إنشاء مزارع ريحية أو شمسية باستطاعة 20 ميغاواط مع 30 ميغاواط سيؤدي إلى تخفيف الحمل على الشبكة فكيف الأمر إذا تم الإقلاع الجوهري بالمشاريع الكبيرة التي وقعت مع الجانب القطري 1000ميغاواط مثلاً ؟
وأكد على أهمية البيئة التشريعية لهذه المشاريع الجديدة خاصة تسعير الكهرباء والتعرفة التي سيتم اعتمادها، لأن التعرفة مسألة جوهرية تحمل تراكمات 40 عاماً، وما لم نحل مسألة الدعم والتعرفة سنبقى ضمن حلقة مفرغة وتأجيل أزمات إلى مراحل لاحقة، لذلك لابد من اعتماد سعر يتماشى مع السوق وتوجيه الدعم إلى المنتج النهائي وليس من بداية السلسلة.
أخيراً.. الحديث عن رفع أسعار الكهرباء أعاد إلى الواجهة موضوع تقديم الدعم على الطاقة لكل القطاعات مع كل ما حمله هذا الملف من خلافات ووجهات نظر ورؤى اتفقت على تقديم الدعم، واختلفت بين تقديمه على مراحل الإنتاج وتقديمه على المنتج النهائي ليبقى المواطن وحيداً ينتظر قرارات الحكومة، متمنياً أن تكون متناسبة مع الدخل.