ترميم مدرسة دوما للبنين.. خطوة نحو بيئة تعليمية أكثر أماناً

الثورة – لينا شلهوب:

في قلب ريف دمشق، في مدينة أنهكها الزمن، وأثقلت جدرانها ذكريات السنوات الماضية، تعود الحياة إلى جدران إحدى أبرز مدارسها، مدرسة دوما للبنين، التي تستعد لاستقبال أكثر من 1300 طالب مع انطلاق العام الدراسي الجديد، إذ تقف مدرسة دوما للبنين كحكاية صمود وإصرار، هنا حيث اختلط صوت الأجراس يوماً بضجيج الحياة اليومية، يعود النبض من جديد عبر ورشات الترميم التي تنسج على مهل فصولاً جديدة من الأمل، ليست هذه مجرد عملية إصلاح لجدران متصدّعة أو مقاعد خشبية مهترئة، بل هي إعادة بناء مساحة للعلم والحلم، وبينما قد تبدو أعمال الصيانة والترميم أمراً تقنياً بحتاً، إلا أن ما يجري يتجاوز إصلاح الجدران أو إعادة طلاء الصفوف، ليعكس إرادة جماعية لإعادة بناء المستقبل من خلال التعليم.

المشروع وأهدافه

يأتي ترميم مدرسة دوما للبنين، كما يبين مسؤول الأبنية المدرسية محمد حنون، ضمن خطة شاملة أطلقتها وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع المنظمات الدولية، تستهدف إعادة تأهيل المدارس المتضررة بفعل الظروف التي شهدتها المنطقة في السنوات الماضية.

الهدف الأساسي من المشروع هو تأمين بيئة تعليمية آمنة وعصرية، بحيث يتمكن الطلاب من متابعة تحصيلهم العلمي في أجواء صحية ومناسبة، ما ينعكس إيجاباً على أدائهم الأكاديمي ونموهم النفسي والاجتماعي.

المشروع كما يؤكد حنون، لا يقتصر على إصلاحات سطحية، بل يشمل تدخّلات هندسية متكاملة، عبر تجهيز 35 غرفة صفية لتكون مهيأة بالكامل من حيث الإضاءة، التهوية، والمقاعد الدراسية، كذلك إصلاح الجدران والأسقف ومعالجة التشققات لضمان السلامة الإنشائية، مع العمل على تعزيز البنية الإنشائية بما يتماشى مع المعايير الفنية الحديثة، لمواجهة أي مخاطر مستقبلية، بالإضافة إلى إعادة تأهيل شبكات الكهرباء والمياه، ما يضمن استمرارية الخدمات الأساسية دون انقطاع، ولا يتوقف الأمر هنا بل هناك مساعٍ لتوفير المستلزمات الدراسية من ألواح، مقاعد، وأدوات تعليمية، لتلبية احتياجات الطلاب والمعلمين.

هذه الأعمال تنفّذ وفق خطة هندسية مدروسة، وبإشراف فرق فنية مختصة، ما يقلل من احتمالية حدوث أخطاء أو تجاوزات قد تؤثر على جودة التنفيذ.

البعد الزمني والتنظيمي

العمل يتم ضمن جدول زمني محدد يراعي ضرورة انتهاء المشروع قبل بدء العام الدراسي، وهو أمر حاسم لعدم تعطيل العملية التعليمية، كما أن التنظيم الجيد هنا لا يقل أهمية عن الجانب الفني، إذ أن هذا الأمر يتطلب التنسيق بين عدة جهات: وزارة التربية والتعليم، الفرق الهندسية، المقاولون، والمنظمات الداعمة.

لا يمكن إغفال دور المنظمات الدولية في تمويل ودعم المشروع، إذ تساهم هذه الشراكات في توفير الموارد المالية والخبرات الفنية اللازمة، كما تتيح مشاركة هذه المنظمات تطبيق معايير الجودة العالمية في أعمال البناء والتجهيز.

من جهة أخرى، فإن إشراف وزارة التربية والتعليم يضمن أن المشروع يتماشى مع احتياجات المنظومة التعليمية المحلية وأولوياتها.

أكثر من 1300 طالب سيستفيدون بشكل مباشر من هذه الجهود، لكن التأثير يمتد إلى أبعد من ذلك: من خلال تحسين جودة التعليم بفضل بيئة صفية ملائمة، ورفع المعنويات لدى الطلاب وأسرهم بعد سنوات من التحديات، إضافة إلى تعزيز دور المدرسة كمركز مجتمعي يحتضن الأنشطة الثقافية والاجتماعية، مع تشجيع الاستقرار، حيث إن التعليم المستقر يسهم في الحد من تسرب الطلاب.

ما بين الواقع والطموح

رغم أن المشروع يشكّل خطوة مهمة، إلا أن هناك نقاطاً تستحق النقاش، ومنها ما يعتريه بعض التساؤلات: منها- كما يقول الأستاذ طه حسين-: استدامة الصيانة، فهل هناك خطة متابعة لضمان استمرار جودة المرافق على المدى الطويل؟ كذلك توزيع الموارد، ففي ظل وجود مدارس أخرى بحاجة ماسة للترميم، كيف يتم تحديد الأولويات؟ أما بالنسبة إلى التجهيزات التقنية، هل يشمل المشروع تحديث الوسائل التعليمية بما يتناسب مع متطلبات التعليم الحديث مثل المختبرات أو الأجهزة الرقمية؟ والأكثر من ذلك، التدريب البشري، فإن تجهيز المباني وحده لا يكفي، إذ أن نجاح العملية التعليمية يتطلب أيضاً تدريب الكادر التعليمي على أفضل الممارسات.

يمكن استخلاص عدة دروس من تجربة ترميم مدرسة دوما للبنين: منها أن التخطيط المسبق يضمن تنفيذ الأعمال في الوقت المحدد ووفق المعايير المطلوبة، والتعاون بين القطاع الحكومي والمنظمات الدولية يوفّر مزيجاً مثالياً من الموارد والخبرة، كذلك فإن إشراك المجتمع المحلي في التخطيط والتنفيذ يعزز من شعور الانتماء والحفاظ على الإنجاز، وأيضاً دمج التجديد مع التطوير، فإعادة التأهيل فرصة لإدخال مفاهيم تعليمية وتقنية حديثة.

رسالة أمل

إعادة الحياة إلى مدرسة دوما للبنين ليست مجرد عملية ترميم لمبنى مدرسي، بل هي رسالة أمل بأن الاستثمار في التعليم هو الطريق الأهم نحو إعادة بناء المجتمع، ومع أن هذه الخطوة تأتي ضمن جهود أوسع، فإن نجاحها يعتمد على استمرارية الدعم، وضمان الجودة، وربط البنية التحتية بمناهج تعليمية متطورة وكوادر مؤهلة.دوما اليوم لا تعيد فتح أبواب مدرسة فحسب، بل تفتح باباً جديداً للمستقبل.

آخر الأخبار
  وزير الطوارئ يبحث تعزيز التعاون مع مجموعة البحث والإنقاذ القطرية الدولية لقاءات الرئيس الشرع مع فعاليات إدلب.. تعزيز الشراكة الوطنية وترسيخ مسار بناء الدولة وزير التعليم العالي من حلب .. نقاشات موسعة حول الدمج وتطوير الجامعات وخارطة التعليم المستقبلية رئيس بلدية عين الحيات في ريف القرداحة يوجه نداء استثغاثة "التجاري" يرفع سقف السحب عبر نقاط البيع إلى مليون ليرة رباعية لمنتخبنا الأولمبي بمرمى اللبناني عودة الحرائق في سهل الغاب مع ارتفاع كبير بدرجات الحرارة القطاع الخاص ركيزة لا غِنَى عنها في أيّ اقتصاد متطور عصام الغريواتي: إلغاء تقييد  نقل الأموال  في إطاره الصحيح خدمات طبية وعمليات نوعية يقدمها مستشفى كرم اللوز الوطني إزالة 12 تعدّياً على مياه الشرب في أحياء درعا البلد اتفاقية التعاون العسكري بين سوريا وتركيا.. الدلالات والتوقيت واشنطن تعلن تفاصيل منظومة "القبة الذهبية" بتكلفة تصل إلى 175 مليار دولار سعر الصرف في صعود وتذبذب.. عامر شهدا لـ"الثورة": ليس مفاجئاً وأسبابه حتمية أنقرة ودمشق.. مرحلة سياسية تعيد رسم خرائط التحالفات في المنطقة 5.5 ملايين دولار.. مساهمة يابانية لدعم جهود التعافي العاجلة في حلب وحمص دوار وجسر اليمن في اللاذقية بالخدمة وسط زخم سياسي واقتصادي.. إعادة إعمار سوريا على طاولة الاجتماعات العربية والدولية الثورة "اجتماع عمان".. رسائل عربية ودولية تدعم وحدة وسيادة سوريا سوريا والعراق يبحثان التنسيق المشترك حول مياه الفرات