الثورة – وفاء فرج:
تعددت الأسباب والنتيجة واحدة، تراجع القطاع الصناعي العام وانحسار دوره، وتعددت الحلول والرؤى والاستراتيجيات للنهوض بهذا القطاع وإصلاحه منذ أكثر من عشرين عاماً، وبقيت حبيسة الأدراج يصارع حبرها الورق الذي كتبت عليه..
واليوم، ومع الاتجاه نحو الاقتصاد الحر، الميل نحو الخصخصة أو طرحه على الاستثمار، إلا أن تجربة عرضه للاستثمار لم تلق استحساناً لدى رأس المال الخاص نتيجة الوضع المذري للشركات الصناعية، وبالتالي السؤال ما هي الحلول لهذه الشركات وهل هناك إمكانيات لإعادة إحيائه؟!.
عضو جمعية العلوم الاقتصادية ومدير عام سابق لشركة كابلات دمشق محمد بكر، أوضح أن تراجع واقع القطاع العام الصناعي بشكل كبير يعود سبب ذلك إلى عدم وجود رؤية ولا قرار يحدد مصير هذا القطاع الهام.
وبين بكر، بالنسبة للشركات العامة الصناعية المدمرة والمتوقفة فلا يوجد حل سوى طرحها للاستثمار تشاركية مع القطاع الخاص ppp، إذ تقدّم الحكومة الأرض مقابل حصة في رأس المال وتكون الإدارة للقطاع الخاص بوجود ممثل للقطاع العام في مجلس الإدارة.
الباحث الاقتصادي الدكتور فادي عياش، يرى أنه بالعموم الوضع يعالج القطاع العام بثلاثة سيناريوهات، الأول، قطاعات سيادية وخدمية إدارية، لا يجوز التخلي عنها ولا نملك الإمكانات اللازمة لتطويرها..
فيمكن التشاركية مع القطاع الخاص عبر عقود الإدارة للقطاعات الخدمية وعبر تحويل المؤسسات ذات الطابع الاقتصادي إلى شركات مساهمة عامة.. وعبر عقود BOT.
وهذا يضمن التمويل والبناء والتطوير والتشغيل بكفاءة مع عائد مضمون والحفاظ على الملكية العامة.
والثاني، قطاعات وسيطة ضرورية في المرحلة الراهنة ويمكن الاستغناء عنها مستقبلاً.. يمكن طرحها للتشاركية بعقود BOO.. وهذا يضمن التمويل والبناء والتطويروالتشغيل بكفاءة والحفاظ على الوظيفة الاستثمارية والاستمرار في تقديم المنتجات أو الخدمات خلال فترة الاستثمار بكفاءة مع عوائد مضمونة للخزينة وتنتقل الملكية في نهاية العقد إلى المستثمر.
أما الثالث فحدده د.عياش، بقطاعات لا يجوز للقطاع العام العمل فيها، وهذه يمكن عرضها للبيع والخصصة، ومع أولوية إعادتها إلى أصحابها إن كانت مؤممة وفق عدة سيناريوهات تمّ طرحها سابقاً.
ويؤكد ما قاله د. عياش، أن التجارب المحدودة الحالية من عقود التشاركية في مرفآي اللاذقية وطرطوس.. فهي عقود استثمارية تطويرية تشكّل قيماً مضافة تشغيلية ورأسمالية هامة مع الحفاظ على الملكية العامة.
وقال: يجب الانتباه أن عرض القطاع العام بحالته الراهنة للبيع لن يحقق الأهداف المرجوة لا على مستوى القيمة ولا السيولة ولا التشغيل، بل أعتقد لن نجد من يشتري.
وللتذكير- حسب عياش، جميع تجارب إعادة الإعمار الناجحة عالمياً اعتمدت على قطاع عام قوي، وفي العديد من الدول الرأسمالية يشكل القطاع العام ما بين 30 وحتى 40 بالمئة من الاقتصاد، مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا.
وبيّن أن تجارب الخصخصة والتحول السريع من الاقتصاد المركزي إلى اقتصاد السوق رافقها الكثيرمن المشكلات التنموية والاجتماعية وغالباً يدفع المجتمع ثمن هكذا تغيرات سريعة، وهذا ما جرى في أوروبا الشرقية وكذلك روسيا، بينما في الولايات المتحدة الأميركية مثلاً، نجد أن حتى البنك المركزي الفدرالي وهو رمز سيادي تملكه مجموعة شركات خاصة.
وختم الدكتورعياش بالقول: يحكم عملية الانتقال الاقتصادي العديد من العوامل والظروف الحاكمة، مبيناً أن اقتصاد مدمر ومنهار كاقتصادنا لا يناسبه أسلوب الانتقال بالصدمة مطلقاً.. بل يحتاج للانتقال المتدرج.
وأوضح أن النشاط الصناعي يحدد حسب رغبة القطاع وحاجة السوق ودراسة الجدوى الاقتصادية.