نضال بركات
مع اقتراب الذكرى الأولى لحرب الإبادة الإسرائيلية على الفلسطينيين في غزة لايزال نتنياهو يعرقل الجهود للتوصل إلى وقف إطلاق النار مع دعم أمريكي لا محدود للإجرام الإسرائيلي , بينما الرئيس بايدن أشاع أجواء كاذبة من التفاؤل لوقف النار مع علمه بأن نتنياهو يعرقل أي اتفاق ممكن كما عرقل المفاوضات التي جرت ما بين القاهرة والدوحة وبرعاية أمريكية ومصرية وقطرية وأكدت ذلك الصحف الإسرائيلية ومنها صحيفة”يديعوت أحرونوت” بأنّ نتنياهو أفشل مشروع اتفاق بشأن تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، من خلال تقديم مجموعة من المطالب الجديدة في اللحظة الأخيرة.
أيضا أكدت الشبكة الأميركية “سي أن أن” استنادا إلى وثيقة إسرائيلية حصلت عليها أنّ الوثيقة تعطي مصداقية للاتهامات التي تُوجه إلى نتنياهو، ولاسيما من قبل عائلات الأسرى، بإطالة أمد الحرب عمداً وإفشال الصفقات لخدمة مصالحه السياسية وبالتالي يعمل على إطالة أمد الحرب إلى حين موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية المقررة في الخامس من نوفمبر المقبل , وهذا ما أشار إليه مقال الكاتب توماس فريدمان في صحيفة نيويورك تايمز بعنوان “نتنياهو يصعّد حرب غزة” لمساعدة ترامب للفوز مجدداً بالانتخابات الرئاسية الأميركية , ورغم ذلك فإن انتقاد بايدن لنتنياهو وإعلانه قرب التوصل لاتفاق هو لامتصاص موجة غضب الإسرائيليين وتظاهراتهم ضد نتنياهو الذي عرقل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين وتسبب في مقتل ستة منهم في القصف العشوائي لقطاع غزة.
الخطة الأمريكية التي أعلنها بايدن ليست إلا لخدمة الكيان وتصريحات بايدن ووزير خارجيته بلينكن مخادعة هدفها إطالة أمد الحرب لتصفية المقاومة في غزة لأن الخطة الأمريكية تبنت مطالب نتنياهو مع تجاهل تام للواقع الجديد من خلال توسيع حرب الإبادة لتشمل الضفة الغربية , وبالتالي فإن أي اتفاق لا يشمل الضفة وغزة من شأنه أن يمنح العدو القوة لتوسيع جرائمه وتنفيذ مخططاته ويكرس الفصل ما بين الضفة وغزة دون أن يكون هناك أي رادع للكيان المحتل بل على العكس فإن الحكومات الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة مؤيدة للجرائم الإسرائيلية مع دعم دولي للكيان في المحافل الدولية رغم أن طوفان الأقصى حرك طوفانا عالميا من التظاهرات في العالم بأسره بما فيها الولايات المتحدة التي امتدت فيها التظاهرات لتشمل أربعين جامعة، إلا أن المرشح الرئاسي الجمهوري ترامب هدد هذه الجامعات بأنه سيتم وقف تمويلها إذا لم تضع حدا للدعاية ضد “إسرائيل”, مؤكدا وقوفه إلى جانب الأخيرة ودعمها في حربها ضد الفلسطينيين.
تهديد ترامب لم يكن مستغربا لأنه الداعم ليس لإسرائيل وجرائم الإبادة ضد الفلسطينيين وإنما دعمه الكبير لنتنياهو الذي يعرقل أي اتفاق لوقف النار ويسعى لإطالة أمد الحرب ليقينه بأن خطواته ستساعد صديقه ترامب في الوصول إلى البيت الأبيض , وهو ما أشار إليه تومالس فريدمان في صحيفة نيويورك تايمز حيث دعا المرشحة المنافسة هاريس للخوف من الخطوات التي سيقدم عليها نتنياهو كي يساعد ترامب على الفوز منها: إطالة أمد مفاوضات الرهائن، وعرقلة أي نقاش حول حل الدولتين المحتمل، ورفض إخلاء ممر فيلادلفيا، وتصعيد الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة.
ويقول فريدمان: “الأمر برمته عبارة عن احتيال، وهو احتيال أنشأه نتنياهو لغرض وحيد هو إبقاء نفسه على قيد الحياة، سياسياً، عبر الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وبحسب فريدمان، فإن نتنياهو يفهم الموقف الصعب الذي تواجهه هاريس عندما يتعلق الأمر بموقفها من “إسرائيل”. ويوضح: “إذا واصل نتنياهو الحرب في غزة حتى تحقيق النصر الكامل، مع سقوط المزيد من الضحايا المدنيين، فإنه سيجبر هاريس إما على انتقاده علناً وخسارة الأصوات اليهودية أو الصمت وخسارة أصوات العرب والمسلمين الأميركيين في الولاية الرئيسية، ميشيغان وهو ما يشكل صعوبة للمرشحة هاريس في القيام بأي منهما، وبالتالي ستبدو ضعيفة لكل من اليهود الأمريكيين والعرب الأمريكيين” ومن شأن ذلك أن يصب في مصلحة ترامب، فلا يريد نتنياهو فوزه فحسب، بل يريد أن يتمكن من إخبار ترامب بأنه ساعده على الفوز.
إن الفترة المقبلة ستكون حبلى بالمفاجآت مع اقتراب طوفان الأقصى من عامه الأول وعرقلة نتنياهو للحل وهو ما يزيد الأوضاع توترا في المنطقة، فإن فاز ترامب في الانتخابات فهذا يعني استمرار نتنياهو في السلطة في ظل رفض الإسرائيليين له ولحكومته لفشله في إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين وتحقيق النصر الذي وعد به بعد السابع من اكتوبر في القضاء على المقاومة فهل يمكن له أن يحقق هذا النصر بدعم ترامب؟.. الواضح بأن الأوضاع تغيرت عما كانت عليه في السابق فجبهات الإسناد استمرت في مقاومتها ودعمها لجبهة المقاومة في غزة وأوراق القوة بيد المقاومة كثيرة أرعبت “إسرائيل” في حرب استنزاف طويلة أدت إلى شلل في جميع مناحي الحياة , وبالتالي فإن المقاومة متمسكة بقوتها وشروطها للتفاوض وإذا كانت خطة بايدن التي أعلن عنها لا تلبي مطالب المقاومة فإنها سترفضها ولا أحد يستطيع أن يملي عليها ما لا يتناسب مع رؤيتها للحل ليس في قطاع غزة وإنما أيضاً الضفة الغربية.