الملحق الثقافي – رنا بدري سلوم :
يقول ما لا تقوله الصحف وتبوح به الكلمات، نظرة معمّقة منك تكفي أن تفهم رسالته ومضامينها ورؤاها المختلفة وربما الشّجاعة، لأنه يثير قضيّة بطرح فنّي عال المستوى، فن الكاريكاتور منفتح على احتمالات الحياة برموز تعبيريّة ودلالية، يقول كونفوشيوس: «لا يمكن للمرء أن يحصل على المعرفة إلا بعد أن يتعلّم كيف يفكر»، وهنا يكمن الإبداع الحقيقي في كيفيّة خلق لوحة رمزيّة مشحونة بالعواطف والأحاسيس، فنان الكاريكاتور رائد خليل الذي أبدع فيه يطلق دراسته عنه بعنوان: «القيمة الجمالية والفعل الفني- الكاريكاتور أنموذجاً» إصدار الهيئة العامة السوريّة للكتاب، هذا الفن الذي يفك شيفرا الرمز مرة والفن مرة أخرى وفي كلا الحالين هو خلاصة معرفة رمزيّة، « فإن غاب الرمز، غاب الفن»، فن الكاريكاتور هو فن على قدر ما هو بسيط فإنه معقد يعمل على إسقاطات وتأويلات واستنتاجات قد تكون منطقيّة وقد لا تكون، وهنا تكمن لذّة هذا الفن،« الفن هو استفزاز المخيّلة لقول الجميل بحثاً عن معادلة الإدراك الحقيقي والحكم على مفاصل العمل ضمن مجالات واسعة الطيف، ومع هذه الإحداثيات الفنية المتوالدة برزت نظرة فلسفية غيرت مفهوم الكلاسيك لتقف عند عتبات القراءة الحديثة للواقع، وهذا يعد نقلة مهمة في التخلص من رواسب القديم الثابت في بنيانه التشكيلي للانطلاق نحو عوالم الذات المنغمسة في قواميس التجديد والنزعة الرومانسية»، فن الكاريكاتور يلامس الواقع بمثاليّة مطلقة بل وحساسية مفرطة، ويجب علينا أن نعزز هذا الفن لأنه يشبه ذواتنا بملامح أرواحنا البسيطة المتعبة لا أشكالنا المنمّقة وعقولنا المتعجرفة.
التاريخ 17 – 9 – 2024
العدد 1205