نهاية التاريخ أم بدايته. أين نحن؟

الملحق الثقافي – كمال الحصان :

منذ سنوات قليلة طلع على العالم المفكر السياسي الأمريكي، وهو كما يبدو من اسمه من أصل شرق آسيوي «فرنسيس فوكو» بكتابه الذي يحمل عنوان «نهايه التاريخ وخاتم الشر»، والذي احتوى على ما سمي بنظريه فوكوياما ورؤيته لتطور أنظمة الحكم السياسية في العالم على اعتبار أن التاريخ تجربة بشرية تتطور بشكل مستمر ومتماسك.
وقد تلخصت نظريته هذه في ان تطور أنظمة الحكم السياسيه في العالم قد وصل الى نهايته بوصول النظام الغربي الديمقراطي الليبرالي الى ما وصل إليه الآن، معتبراً أن الديمقراطية بمفهومها الإمبريالي هي المخلص الوحيد للبشريه من الحروب والاستبداد وطغيان ثقافه الفكر الواحد كالشيوعية على سبيل المثال.
الكتاب صدر بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ومعتبراً ذلك ان سيادة الديمقراطية هي الحقيقة النهائية في العالم، وإن قيامها يعني نهاية التاريخ. والمقصود بنهاية التاريخ هنا من وجهه نظر المؤلف ونهاية التطور التاريخي لأنظمة الحكم السياسية في العالم، وليس نهاية الحياة على الأرض.
ونذكر بأن فوكوياما هذا قد تراجع عن بعض هذه الافكار بعد فتره قصيرة، ولكن هذا لا يمنع من ان ما جاء في كتابه، إنما يعبر تماما وبوضوح عن النظرة العدائية الاستعلائية، التي ينظر بها الغرب إلينا ولكل شعوب الأرض المستضعفة بشكل عام، والتي قد تكون مازالت مستمرة منذ حروب الفرنجة، التي سميت خطأ بالصليبية.
وحتى منذ ما قبلها وحتى الآن، ومستمره كما يكون بحكم عوامل وأسباب عديدة سياسية واقتصادية وتاريخية ودينية أيضاً، كما طلع علينا في سنوات لاحقة أيضاً، كتاب يوشكا فيشر الوزير الألماني السابق بكتابه المعنون:»عودة تاريخ العالم بعد الحادي والعشرين من أيلول وتجديد الغرب» حيث يتحدث الكتاب عن تاريخ الفترة التي انتهى القرن العشرين حوالي عام 1989 بسقوط جدار برلين وحتى بداية القرن 21 بإحداث الحادي عشر من أيلول 2001 مركزاً على العوامل والمبادئ التي تصلح لقياده العالم وصولاً إلى نظام عالمي جديد يتسم بالسلام والعدالة واحترام القانون الدولي، طبعا نشأة نظام دولي لأمريكا والغرب وعن ماهية العوامل التي تعوق ذلك كما يتضمن الكتاب عرضاً للصراع العربي الصهيوني من وجهة نظر ألمانية اتسمت بضيق الأفق وسطحية الرؤية وعدم الحيادية والتأثر بالعديد من الأساطير والمثيولوجيا الصهيونية والمواقف الأمريكية.
أشار المؤلف في كتابه هذا إلى أن الإنسانية مرت خلال القرن الأخير، وبداية القرن الحالي بأعمال قتل وحروب إبادة وظلم ومجازر لم يسبق أن مرت بها في أي قرن آخر عبر تاريخها الطويل. وخلص إلى استنتاجات استعمارية وعنصرية وغير إنسانية.
ويركز فيشر على خطر تلاقي واندماج ما يسميه التوجه العروبي مع التوجه الاسلامي، ويقول: إن هذا التوجه أو الاندماج سوف يؤدي في النهاية إلى ظهور موجات من التطرف في العالم العربي والإسلامي وإلى انهيار الأنظمة المعتزلة والمعتمدة في المنطقة، ولا ينسى أن يرى أن الأنظمة القومية، وهو هنا يقصد الأنظمة القومية العربية بأنها – على حد تعبيره – فاشية أو معتزلة، وهي برأيه أيضاً ستشكل خطراً على الأنظمة العالمية كلها.
ما يهمنا ما جاء في هذين الكتابين بشكل خاص هو ما يتعلق بالنظرة إلى منطقتنا وأمتنا ازاء قضاياها ومستقبلها ووجودها، وهي نظرة بالغة العداء والعنصرية، بينما نحن لم نقم حتى الآن بالرغم من تمادي أميركا والغرب في فلسفه أفكارهم المعادية لنا والتنظير المركز لاستهدافنا وتشريع سلبنا لمصيرنا وحريتنا، والشروع في التنفيذ بإصرار وتصميم أقول بالرغم من كل ذلك فإننا لا نرى أنه لا نزال حتى الأن بأن نلعب دور الحمل الوديع الباحث عن الرحمة من الأعداء وفي أحسن الأحوال انتظار القدر المحتوم، وكأن إرادة العدو قدر.
ليست هناك نظرة أو نظرية عربية موحدة حتى الآن إزاء ما يجري، وما يحدث ضدنا، وحتى مقابل أدلجة العداء ضد العرب.
ماذا أعددنا لذلك، وماذا حضرنا حتى ننجو من المجزرة التاريخية التي تنتظرنا حتى الآن؟.
لا شيء هل ما يجري هو استئناف معاصر لحروب الفرنجة ضدنا؟.
قد يكون من الصعب على أنظمة مختلفة ومتخلفة كدول مثل دولنا النامية فاقدة للقرار الموحد في مواجهة هذه التحديات.. بأن تقوم بهذه المهمة، وهنا مشكلة العرب.
العرب ليسوا أمة عنصرية ولا منغلقة ولا معزولة، ولو عد الأخرون مساهماتنا في الحضارة الإنسانية فلن يحصوها، بينما أميركا مثلاً هي شعب بلا تاريخ.. قامت الولايات المتحدة الأمريكية عام 1776 بعد حروب أهلية وصراعات مريرة ومعارك إبادة واستعمار نسي مفكروها القادمون من شتى أصقاع الأرض.
إن العرب لم يسجلوا في تاريخهم الممتد آلاف السنين أي هجمة أو عدوان أو مجزرة ضد أي شعب من الشعوب الأخرى حتى في صدهم لعدوان الآخرين عليهم كانوا مثالاً في الرحمة والإنسانية والأخلاق.
كما تجاهل أو عمي هؤلاء المفكرون عن رؤية مئات النظريات والابتكارات والاختراعات والإنجازات العلمية والفلسفية والفكرية التي قدمها العرب عبر التاريخ للإنسانية.
إن فكر العرب ورسالتهم هو إنساني الدافع والهدف والوسيلة.
إن عروبتنا ليست سلاحاً كما يقول الأخرون بل إنه لا يوجد شعب في العالم يؤمن بوحدته وقوميته كما يؤمن الشعب العربي من المحيط إلى الخليج بدليل أن هناك جواباً واحداً على لسان كل عربي عندما تسأله عن الحل لكل مشاكل عرب وقضاياهم هو الوحدة العربية.
في كل الأحوال ليستذكر العالم أن التاريخ تكتبه الشعوب وأن المستقبل ترسمه إرادة الشعوب، وأن القوة والغطرسة لم تكن في يوم من الأيام سوى تعبير عن النزوات الإجرامية والشيطانية العابرة لا تترك في طريق الإنسان أي أثر.
وتبقى الشعوب سائرة في طريقها نحو مستقبلها ونحو خير الإنسانية.
إن محاولة فرض نموذج واحد على النظام العالمي من قبل نظام سياسي أميركي غربي ومحاولة فرض نوع من القمع والإرهاب وإسكات العقول وإحكام سيطرة القطب الواحد بل انه شكل من أشكال الاستعمار الجديد والطغيان الذي يمارسه هذا القطب، لكن التاريخ شهد دائماً نهاية لكل ظلم واخره لكل طغيان والتاريخ لا يخذل بناته.

التاريخ 17 – 9 – 2024

العدد 1205

آخر الأخبار
بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة تفقد معبر العريضة بعد تعرضه لعدوان إسرائيلي الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث جامعة “اللاهوت المسيحي والدراسات الدينية والفلسفية” الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم