الثورة – علاء الدين محمد:
أمسية شعرية امتزجت فيها المشاعر الوجدانية والعاطفية، وذابت بين المعاني والصور، لتتوحد على الحب، وتعزف لحن الحياة التي لا تستقيم دون هذا الحب، حب الإنسان، والتجذر بالأرض.
شارك في هذه الأمسية كوكبة من الشعراء: سليم المغربي، سميرة غانم، سامر منصور، فاتن داوودي، ضحى سيف الدين، تغريد إبراهيم وآخرون في المركز الثقافي العربي بالمزة، بالتعاون مع مجلة البنفسج الورقية، أدار الأمسية وقدم الضيوف فاتن الزاقوت، ورافق الأمسية الفنان العازف على العود وسام ملحم.
بدأ الأمسية الشاعر سليم المغربي بقصيدة عمودية تحت عنوان (نصف لسان) يحمل فيها هماً إنسانياً مليئاً بالحزن والأسى على أهل غزة والضفة، على أطفال تحولوا إلى أشلاء، وآخرون بلا مأوى بلا أب ولا أم يتضورون جوعاً وعطشاً أمام صمت عالمي، لا يأبه لحاله أحد.
يقول الشاعر:
من ذا يغيرُ بعدَ الموتِ أحوالي
وسابقاتُ الردى أودتْ بأحمالي
كأنَّ سهلَ المنى ضاقتْ مسالكهُ
كرامةُ الخلقِ أبْصر سورُها عالِ
ما من بيانٍ لنا لا نصَّ نكتبهُ
كلُّ الكلامِ غثاءٌ فعلهُ بالِ
كلُّ الموازينِ شُلّتْ من يرجحُها
في الكفتين تساوى الغثُّ والغالي
يغتالُني ألمٌ في الروحِ يفتكُ بي
وما سوى قلمي يحنو على حالي
نصفُ اللسانِ لنا والثغرُ نطبقهُ
ما كنتُ وحدي هنا فالكلُّ أمثالي
من يكسرُ القيدَ قد أدمى معاصمَنا
هل شاهدَ الكونُ أغلالاً كأغلالي
لي طفلةٌ في حواري القدسِ باسمةٌ
مبتورةُ الساقِ لكن ضحكَها عالِ
تلهو هناكَ معَ الفتيانِ تخبرُهم
بأنَّ شلواً لها يزهو بخلخالِ
أما الشاعرة سميرة غانم تغنت بأيلول الجمال والخير والعطاء .. أيلول الذي يحمل بين طياته بشائر الحب المشتهى، التي تطمئن لها القلوب وتحن لها المهج، تقول الشاعرة:
أيلول نضجٌ طيبٌ يا صاحبي
وكأنه خمرٌ لكرمٍ صائب
أشجاره العري الخجول تبينه
أفنانها أوتار عزف عاتب
يتراقص الصبح الغنوج بفتنة
لحنا شجيا يكتسي بسحائب
والغيم في صدر السماء المشتهى
ككواكب تعدو لضوء هارب
أيلول باب للفراق وعذره
وولادة لحكاية من راهب
هبطت جنينا فوق ارض قفرة
والقلب عينه صوب صيف صاخب
كالبربرية تهتدي لأمانها
والريح تعشق كل نايٍ تائب
في بيد حزني كنت أجمل نخلة
تغوي صفير الريح حال مغارب
يحدو بي الشوق المعانق للندى
في غرّة الفجر العتيق الشائب
بينما الشاعرة الشابة ضحى سيف الدين ألقت قصيدة كلاسيكية غنائية حوارية بين الذات السردية والمحبوب بلغة دافئة طافحة بالمشاعر الجياشة، طالبة من الحبيب تقديم المهر مئة بيت من الشعر يصف فيها مكامن الجمال ويصفها بأجمل الكلمات والمعاني.. تقول الشاعرة:
أمسيتكم بالخير يا خير الورى
وأقول قولي بالقصيد كما جرى
من بعد أعوامٍ ألفت نحيبها
ودراسةٍ مُثلى تعاند بالكرى
ها قد كبرت وآن لي أن استرح
وألوم طيفاً للعناء إذا سرى
هذي ظنوني.. إنما خيّبتها
فالرأي رأي المجتمع.. فيما أرى
قالوا بأن الخد أورد زهره
قالوا بأن النهد قام وكبّرا
قالوا بأن التّرب حقق مجده
قالوا بأن العمر زاد وأكثرا
فإذاً… لابد.ّ لي بركوبه بعيوبه
وندوبه ذاك القطار المدبرا
والدّين أكمل نصفه وبسرعةٍ
فالحسن ذا لابدّ أن يتسترا
ولما أخالف رأيهم أو قولهم
وأنا أحب من الشباب الأسمرا؟!!
الباب مفتوحٌ وأقبل طارقٌ
ودعاء أمي في اللّيالي أثمرا
يا عم جئتك طالباً لأميرتك
لأضيف للعمر المرير السّكرا
فالبيت موجودٌ كما ترضى به
والحبّ موجودٌ بقلبي عمّرا