رجاء نور الدين العلي إبداع معجون بالحب

الملحق الثقافي- رفاه الدروبي:
بدأت بكتابة الشعر في سنٍّ مبكرة قليلاً. لم تكن كتاباتها نظماً شعرياً بقدر ماكانت خواطر يومية دمغتها بلغة نثرية أدبيَّة مميَّزة نوعاً ما، ودافعها الأول جعلها تبدأ الكتابة، إذ كان الظرف الحياتي غير صحي بالنسبة لها كونها كانت تعيش حزينة مفجوعة بفقد الأب العطوف، ومازالت غضة مهيضة الجناح، بينما والدتها ترتدي ثوب الأسى العميم حزناً على فقد زوجها، وعلى حالات الحبِّ الدافئ، وتفاصيل حياة كانت ترويها لها، ولكن ماصقل تجربتها الشعرية الخيال الخصب، والمطالعة المستمرَّة في سنٍّ مُبكرة.
حالات وجدانية
الشاعرة رجاء ترى أنَّ القصيدة عبارة عن حالات وجدانية نعيشها ونرسمها كلاماً على الورق، وظروف نحياها أو نشاهدها، ونصيغها كلاماً مُنمَّقاً جميلاً. حالات حبٍّ ورسائل هيام. البعض يُعبِّر عنها بقصيدة التفعيلة؛ والبعض الآخر يُعبِّر عنها من خلال النصوص النثرية بموسيقاها حين تطلق عنان الحرية للكلمة والشعور كما تفعل فتكتب قصيدة النثر، لكن لا يمكن استسهال نظم القصيدة. إنَّها ليست قراراً داخلياً؛ بل تأتي كما الوحي تُلهب المخيّلة وتجنح بها حدَّ الجمال والجنون، وتولد من المشاعر الفيَّاضة تصقلها كثرة القراءة وغزارة المفردات عندما تمتلك إحساساً عالياً، وتريد أن تُعبِّر عنه من خلال قصيدة لا يسعفها إلا غزارة المفردات وتزاحمها في المخيِّلة، مُعتبرةً قصيدة النثر قصيدة حرَّة لايحكمها وزن ولا قافية مايطلق جناحيها ولا يجعلها مُقيَّدة. إنَّ النصَّ الحرَّ تستطيع عبره أن تنقل المشاعر وتطلق لها العنان دون قيد أو شرط أو تقييد التفكير بالموسيقى الخارجية لتحكم قصيدة النظم فلا تلهيها بالبحث عن الكلمة الأدق ولا القافية المتناسبة، فتنبعث موسيقاها من داخل المعاني. تنبع من الإحساس حيث يُعتبر الناظم الأول والأهم لها.
الخليلي الناظم الأول
لم تنكر الشاعرة العلي تأثير الشعر الخليلي على كلِّ مَنْ قرأه وحفظه، كوننا اطلعنا على قصائده منذ الصغر خلال مراحل الدراسة الأساسية وفي الجامعة، وتبحَّرت فيه خلال المرحلة الجامعية في كلية الآداب قسم اللغة العربية؛ ولا يمكن إنكار تأثيره في كتاباتنا كونه الناظم الأول لعقلنا المعرفي الشعري وله التأثير الأول في أرواحنا، والأساس مَنْ استقينا منه اللغة الشعرية والإحساس العالي. ولازالت تسبح في خيالاتنا قصائد امرىء القيس، المهلهل، أبو العتاهية، الفرزدق، أبو تمام، الخنساء. كل هؤلاء الشعراء كانوا الأساس للتموين المعرفي الشعري، ما يجعلنا لا ننكر فضل شعراء الحداثة كالسياب، سميح القاسم، نزاز قباني، محمود درويش، أمل دنقل، والكثيرين منهم.
الحبُّ الصادق
لكن أكثر ما يثير الجمال عند الأنثى والأنثى الشاعرة حصراً: الحبّ الصادق النابع من إحساس عالٍ وحساسية مرهفة. يحرِّضها الذوق تارةً والطبيعة والفن النابع من أسس علمية وحسيَّة في أخرى. وجماليات الأنثى تكمن في العاطفة القوية المرهفة، إذ تخرج أجمل مافي داخلها. أمَّا الشكل الخارجي لها فيكون نسبياً يختلف من شخص لآخر. لا ننكر أنَّ المظهر الخارجي أو شكل المرأة الرشيقة ذات القوام الجميل، والشعر المنسدل، وما هنالك من مواصفات شكلية خارجية تُعتبر محرضاً قوياً للرجل، للعاطفة، وللحبِّ فكما نتذوق جمال الطبيعة ونستسيغه يجعلنا نكتب القصيدة، كذلك جمال الأنثى ضرورة للعين لتُحرِّض الحفيظة عند الشاعر.
أضاءت رجاء نور الدين العلي في ديوانها «لا نبي يهدى» على مشاعر عاطفية بحتة. تحاكي من خلالها الحبّ والحبيب. تعاتبه. تحاسبه؛ تؤنِّبه حيناً؛ وتحنو عليه حيناً آخر. تغازله وتثور عليه في خيط شفيف. تشير للخيانة وتضميد الجراح بالأمل. جميعها موضوعات تطرَّقت لها فلسفتها الأساسية، إذ تناولت قصائدها الحبَّ العميق وفلسفة أذيَّته المتولِّدة من الخيانة، والمُتسبِّبة بالحزن الشديد، لذا تطرح فلسفة الأمل بقوة عبر القصائد عندما تنشد في قصيدة «أيلول» من الديوان:
لازلتُ أدورُ في فلكِكَ
كفراشةٍ يحرقُها الرحيلُ
ولازلت كما عهدني
الجفاف في قلبك
فراغي ضاقَ من فَقْد
وما انحلت عِقَدُ الياسمين
مئة طور بعدك
وأيلول لم يعد
يا واحدَ أيلول
يا أوَّلَ الفرح
وموغل الغصات
وآخر النايات المكسورة
والوطن
إنَّ العاطفة الجيَّاشة يشعلها حبُّ الوطن، لكن يبقى جرح في قلب كلِّ إنسان يلعب بالمشاعر لسوريتنا ووطننا العربي، وخاصَّةً ما يحصل في غزة المُلهبة لقلب الشاعر أو الشاعرة، باعتبارهما يتصفان بالحساسية العالية، ولأنَّ غزة وجدان الأمة، وجرح يستحيل أن يبرأ، وخاصة الآن في ظلِّ مايتعرض له أهلنا من عدو لئيم مَنْ جرد أهلها حياتهم الآمنة في ظلِّ تَوحُّش يمارسه بشكل يومي.
                            

العدد 1206 –24-9 -2024      

آخر الأخبار
مستشفى حلب الداخلي.. حصن طبي يواجه أعباء الأمراض المزمنة والطارئة شباب سوريا.. طاقات تتجدد في ميادين التطوع وروح الإخاء سجناء سوريون في لبنان يوجهون نداءً إلى الرئيس الشرع لنقلهم إلى دمشق معرض دمشق الدولي.. نافذة لتعافي الاقتصاد السوري وتعزيز العلاقات التجارية تحديث قطاع الضيافة وإدخاله ضمن المعايير الدولية الرقمية وزير المالية: حل مجلس إدارة "العقيلة للتأمين" وإجراءات احترازية لحماية الحقوق الصحة النفسية ضرورة أم رفاهية..؟ التسول الإلكتروني.. تسلق نحو الثراء من دون تعب رحيل المتطوع علاء خضور.. يجسد درساً في الإنسانية والعطاء مجزرة الغوطة الكيماوية.. جرح مفتوح ومسار عدالة لا يسقط بالتقادم سرّ تزامن استيراد المواد الغذائية مع جني المحاصيل المحلية مزارعو البطاطا في حمص: خسائرنا كبيرة أثر اللغة على الصحة النفسية والاجتماعية.. نحو لغة داعمة وشاملة معرض دمشق الدولي.. ذاكرة جمعية تعكس حيوية المجتمع السوري صورة المواجهة في صيدنايا.. رمز للعدالة والإنصاف في سوريا تشكيل "الحرس الوطني" في السويداء.. مشروع عسكري مثير للجدل بين الانفصال والرفض الشعبي ممارسات غير مشروعة تهدد المهنة في طرطوس.. صيد الأسماك في مهب الريح.. والصيادون أمام خسائر متلاحقة الدوريات الأوروبية.. خسارة أولى للسيتي وميلان وتعثر جديد للروخي بلانكوس مشاركة قياسية في بطولة كأس النصر  اتحاد كرة القدم بلا إدارة؟! الموسم الكروي على الأبواب وغموض يربك الأندية  منتخبنا السلوي للناشئات في بطولة آسيا