جعلنا قلعة الطغيان دكاً

الملحق الثقافي- رجاء شعبان:

تشرين هو شمس الانتصارات كما عبّر الشاعر الدمشقي العروبي نزار قباني.. فهو من عبق انتصارات العرب في الأندلس ومعارك بدر وحطين، وهو النصر المؤزّر المبين في ميسلون وخضرة القنيطرة ولوزها وتينها ونصاعة بياض شيبة وهيبة حرمون ورقرقة أنهار دمشق.. بأفرعها من بردى المتدفقة برداً وسلاماً وشوقاً وحنين:

شمس غرناطة أطلت علينا
بعد يأس وزغردت ميسلون

فتشرين دعوة دمشق والعروبة لتمزيق خارطة الذل والانكسار والخنوع للعدو الصهيوني وجبران خاطر الوجدان العربي، وانبثاق عصر الكرامة والنخوة العربية الأصيلة:
مزقي يا دمشق خارطة الذّلّ
وقولي للـدهر كن فيـكون
استردّت أيامها بك بدرٌ
واستعادت شبابها حطين
كتب الله أن تكوني دمشق
بك يبدأ وينتهي التكويـن
هزم الروم بعد سبعٍ عجاف
وتعافى وجداننا المـطعـون
اسحبي الذيل يا قنيطرة المجد
وكحّلْ جفنيك يـا حرمون
علمينا فقه العروبـة يا شام
فأنت البيـان والتبيـيـن
وطني، يا قصيدة النار والورد
تغنـت بما صنعت القـرون

فيا فرح تشرين وقد تكلّل اسمه بالنصر المبين..
تشرين الخريف الحزين، فيه يتساقط الشجر ليبدأ رحلته الانكساريّة أمام شتاء الزمن، لكنه بسحره ورمزيّته التي تكلّلت بالنصر والدفئ أبى إلا أن يعلّمنا أنه لا تسقط فيه إلا اهتراءات الزمن من الأوراق .. فهو السيف المسلول من ريح الوقت لتختبر الصمود والقوة والثبات ولتُلقّن الهزيمة بالمفاهيم دروس القوة العظيمة….
يا تشرين…. منذ سنين وأنت أغنية الدهر والنصر للعرب… وتشرين عام السبعين وتشرين عام الثلاثة والعشرين… من عامَين مختلفين وقرنين مختلفين فذاك الأول 197‪0 سوري مصري عروبي أمين… وذاك الثاني من يوم السابع من عام 202‪3 أبيّ طوفاني فلسطيني عربي أبيّ مقاوم.. ولبناني داعم مساند لفلسطين… وفلسطين هي قضية العرب وبؤبؤ العين…‬‬

تشرين الأصل شجرة النصر لكل العرب تحت فيئها يستظلّ الجميع ومن ثمارها يأكل الجميع من الأحرار والطيبين… تغنّى بك الشعراء يا تشرين وكنت ثورة الشعر الجميل الناهض بداخلهم كزهر ينبت بين الصخور والأشواك وفاضت نفوسهم شعراً وغزلاً يليق بالأرض والأوطان…
فالشاعر القروي رشيد سليم الخوري رأى أن تشرين مجدِّد لذكرى القادسية، فقد أنصف العرب عموماً والفلسطينيين خصوصاً، فقال:

«جعلنا قلعة الطغيان دكّا زعيق نسورهم فيها نصيب
جبال حديدهم رمل مهيل وجيش حدودهم شمع يذوب
وذكرى القادسيّة والمثنى تضج به المدائن والسهوب».

وفي قصيدتها «إيه تشرين» رأت الشاعرة هند هارون أنّ التاريخ العربي عاد بتشرين إلى بوصلته الأصليّة، وملأ الفرح قلوب السوريين بشكل خاصّ والعرب عموماً، فقالت:

«إيه تشرين وقد أوقدت في صدري لهيبه..
بت في قلبي ربيعاً تنشر الدنيا طيوبه..
صرت لحناً في حداء الشعر يندى بالعذوبة..
أنت للتاريخ سفر مشرق أنت الخصوبة..».

الشاعر نجم الدين الصالح وصف تضحيات الجيش العربي السوري خلال الحرب بأنّها بطولة أسطورية حققت النصر الذي ما زلنا نسير على طريقه:

«أيها السادس المجلجل من تشرين أهلاً فقد عشقن النفيرا
لا نطيق الحياة إلا كفاحاً وكفاحاً خلف الجليل مريرا
يا شموس العيد الحبيبة هلا عدت جفناً على الجليل كسيرا».

وتبقى الراية العظيمة للأمجاد والدرس الأكبر للأحفاد… تشرين الشهر الوطني الكريم كرمضان المقدَّس للدين من الأشهر المباركين… تشرين يا تشرين ما زلنا نتواعد على لقياك بلقاءات التجدد من عصر الليمون والياسمين.. بالشام… بلبنان.. بدمشق.. بفلسطين… تشرين يا واسطة العقد باللؤلؤة البارقة المشعّة… ما زلنا نعلّق عليك آمالنا وأمنياتنا من تحرر وانفكاك للأسير والسجين..
ونرى في عليائك خفقان لأجنحة أعلام ستعلن نصر المظلوم وترفع أعلام المقاومين… وتلوح برموزها تشعل الفرح من بعد الحزن… وتطوي المآسي وتلوح بالورد من عبق الشهداء المطهرين.
ونختم بأبيات عن طوفان الأقصى، هذا الطوفان التشريني المبارك للسابع من أكتوبر 202‪3 الذي فتح عهداً جديداً للنصر فكان امتداد الغضب الفلسطيني واستمرار الثورة الفلسطينية ونضوجها على فضح العدو المتجبّر والمستكبر والذي لا يفهم إلا لغة التعنّت وقتل الأطفال والنساء وتدمير البيوت والمنشآت فوق قاطنيها، فسطّر الشعب الفلسطيني بدمه وروحه أساطير وملاحم الزمن الأخير المنتصر حتماً بإرادة الصمود والإيمان بنصر إلهي معزّز ومؤزّر‬

طوفان الأقصى
للشاعر: حارث الأزدي

مـهمـا اسـتبدوا وانتـشى الطـغـيانُ
يـأتـيـك نــصـرٌ ســاقَـه الـطـوفـانُ
نــصــرٌ لــغـزةَ والــغـلافُ مــمـزقٌ
هُـــزِمَ الــعـدوُ وحــظُـه الـخـذلانُ
مستـوطنـاتُ غـلافِــهـم مـنــهـارةٌ
وتــزاحــمـت بـفـلـولِـها الــوديــانُ
تـصـطكُ أرجـلُـها، وتـشهقُ روحَـها
هـلـعًا، ويـقـطعُ نـبـضَها الـخفقانُ
فـي الـقدسِ مـعركةٌ وتـلكَ بـشـائرٌ
بــالـعـزِّ يَــنـصـرُ جــنــدَهُ الــديَّــانُ
طـوفـانُ غــزةَ جــاءَ فـجـرًا غـاضبًا
ســقـطَ الـقـنـاعُ، وزُلـزلـت أركــانُ
وبــنـادقُ الـتـحريرِ تـصـهلُ بـهـجةً
بـالـعُرسِ حــيـنَ تُـقيمه الـفرسانُ
الأرضُ تــشـهـدُ لـلـمُـغيرِ بـطـولـةَ
إن الــشـهـادةَ مـهـرُهـا الإيــمـانُ
يـبـقى انـتـماؤكَ لـلأصـالةِ مـنهجًا
فـالـنـصـرُ لــيـسَ يُــقـرِّهُ الإيـــوانُ
ونتمنى لكل العرب تكاتفاً وتضامناً ونصراً محتّماً على الأعداء.. مع تحيتنا لكل المقاومين الشرفاء بلبنان وفلسطين وسورية وكل الأصدقاء والحلفاء… بالاحتفاء بانتصار الحق وعموم قضية السلام… وأن يزهر تشرين الأخير الذي خطه وبدأه السوري مع المصري مع مساندة كل عربي عام 197‪3 في السادس من تشرين… تشرين النصر وتشرين التحرير… وتشرين الإباء وتشرين الشموخ وتشرين العز والفخار وتحية لروح القائد الخالد الميمون حافظ الأسد بطل التشرينَين…المؤسس لتشرين التصحيح والممهّد لتشرين النصر والتحرير‬

                            

العدد 1207 –1- 10 -2024     

آخر الأخبار
هل يشهد سوق دمشق للأوراق المالية تحولاً جذرياً؟  لحظة تاريخية لإعادة بناء الوطن  وزير الاقتصاد يبحث مع نظيره العماني تعزيز التعاون المستشار الألماني يدعو لإعادة اللاجئين السوريين.. تحول في الخطاب أم مناورة انتخابية؟ صناعة النسيج تواجه الانكماش.. ارتفاع التكاليف والمصري منافس على الأرض القهوة وراء كل خبر.. لماذا يعتمد الصحفيون على الكافيين؟ إعادة التغذية الكهربائية لمحطة باب النيرب بحلب منظمة "يداً بيد" تدعم مستشفى إزرع بمستلزمات طبية إعادة الإعمار والرقابة وجهان لضرورة واحدة حملة لإزالة الإشغالات في أسواق الحميدية ومدحت باشا والبزورية محافظ درعا يبحث مع السفير الإيطالي الاحتياجات الخدمية والتنموية من الدمار إلى الإعمار... القابون يستعيد نبضه بالشراكة والحوار الموارد البشرية المؤهلة … مفتاح التغيير المؤسسي وإعادة البناء بدء مشروع تخطيط طريق حلب – غازي عنتاب كيف فرضت "البالة" نفسها على جيوب الحلبيين؟ سوريا تؤكد أمام اليونسكو التزامها بالتحديث التربوي الأمم المتحدة: بدء مرحلة ميدانية جديدة في سوريا للبحث عن المفقودين بعد سقوط النظام انتهاكات إسرائيلية ضد المدنيين وعمليات توغل هستيرية الشهر المنصرم صدام الحمود: زيارة الشرع لواشنطن تعيد سوريا إلى واجهة الاهتمام الدولي إسماعيل بركات: التعامل مع "قسد" وفق منهج بناء الدولة والعدالة الانتقالية