الملحق الثقافي-سعاد زاهر:
كانت قوارب أو ربما يخوت جميلة جداً، تجر وراءها شباناً من هواة المغامرات واللعب مع الأمواج، ابتعدت بنظرها عنهم لتلفت إلى كلّ هذا السحر البحري وكيف يبدو انعكاس أشعة الشمس في لحظة غروب لا تضاهى، وحين التفت إلى الفندق الذي يقع قرب الشاطئ الرملي، لتكتشف من إطلالة غرفتها منظراً لا ينسى.
وضعت أغنية لأم كلثوم (ألف ليلة وليلة) شعرت أن هذه الحياة تشبه هذه الأغنية تماماً، وحين وصلت إلى المقطع الذي يقول (ازاي أوصفلك…) بدأت تنتبه أنها ليست وحدها في الغرفة، صوت أجش جعلها تصحو من كلّ هذه التخيلات قائلاً لها هل تعدين الشاي الأخضر؟!
حاضر قالتها بارتجاف… وسارعت إلى غلاية الماء وفشلت كل محاولتها في تشغيلها، مضى وقت طويل وهي تحاول خوفاً من سخريته اللاذعة أنها لا تتقن شيء، ولا تصلح لشيء…!
وحين فشلت كلّ محاولتها استنجدت به وكما توقعت بدأ بالنقد المزعج، ليتنا لا نعايش البشر، ولا نكتشف تلك الجوانب المظلمة التي تنتابهم حين يكونون مع الآخر، أي مس يصيبهم، ويتبدلون …؟
حين وضعت له كأس الشاي بهدوء شديد، كأنها مجرد جسد من تمثال، مشت دون أي أحاسيس متجاهلة كلّ ما يهمهم به، نظرت من الشرفة إلى كلّ تلك الأمكنة وهالها كيف فقدت في لحظة جمالها وبدت مجرد منظر طبيعي خال من الأحاسيس، أو ربما الأصح أنها هي قربه بدأت تفقد كلّ تلك الأحاسيس الداخلية التي تبهجنا لأبسط سبب.
لم تشعر كيف فتحت باب الغرفة ولم تبال بصراخه، واتجهت صوب تلك المراكب ومع أنها لم تعتد يوما على مطاردة الأمواج إلا أنها تمسكت جيداً، وانطلقت موقنة أنها للمرة الأولى بدت حرة، حين لمحته على الشرفة يبحث عنها، بدا كصياد يبحث عن فريسته كي يهاجمها من دون أدنى سبب سوى كل تلك المعتقدات الخاطئة التي زرعت في ذهنه وأصرعلى التشبث بها كي يختنق ومن معه…بدا لها مصارعة أمواج البحر العاتية أسهل من مجرد إدارة حديث معه…!
حين لمحت تلك الجزيرة الخضراء، لا تدري أي قوة تملكتها كي تقفز في الماء سابحة إليها.
العدد 1208 – 8 – 10 -2024