لم تقف هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) يوماً من الأيام إلا مع الجلاد ضد الضحية، وقد مارست هذا الدور بكل تحيز منذ أن نطقت بالعربية قبل 86 عاماً عندما أطلقت شركة الإذاعة البريطانية خدمتها الإعلامية بلغة غير الانكليزية في 3 كانون الثاني 1938، متبنية الخطاب الاستعماري والإمبريالي ومروجة له منذ انطلاقتها الأولى.
ولا غرابة أن نجد فريقها الصحفي اليوم يدخل إلى إحدى قرى لبنان الجنوبية برفقة جيش الاحتلال الإسرائيلي، منتهكاً حرمة وسيادة الأراضي اللبنانية وكل القوانين التي تحكم العلاقة بين الصحافة والإعلام وأطراف الحرب والنزاع، فهذه المحطة الإذاعية منذ انطلاقتها تدافع عن الكيان الصهيوني وتتبنى سرديته المضللة حول فلسطين والوطن المزعوم لليهود.
وقد لعب راديو هيئة الإذاعة البريطانية دوراً مدمراً إبان النكبة، حيث راح ينشر الخوف والفزع في نفوس الفلسطينيين العزل، بنشره لأخبار المجازر والقتل والدمار التي كانت تقوم بها عصابات الهاغانا وشتيرن وأرغون وغيرها، مقابل عدم توفر أي وسيلة إعلامية للفلسطينيين الذين يواجهون هذه العصابات بصدورهم العارية إلا من إيمانهم بحقهم الثابت في أرضهم ووطنهم، ولا تمتلك أيديهم إلا إمكانيات ضعيفة يتصدون فيها لجيش من القتلة والمجرمين مسلحين بكل أنواع التسليح البريطاني والأميركي والفرنسي وغيره.
فكانت نتائج البث الإذاعي لهيئة الإذاعة البريطانية المنحاز للقتلة والإرهابيين هو الهروب الجماعي للفلسطينيين من بعض القرى تحت وطأة القتل والإرهاب والأخبار الكاذبة والمضللة، والحرب النفسية التي كانت تقوم بها الإذاعة البريطانية وغيرها من الماكينة الإعلامية الغربية، فراحت العصابات الصهيونية تتوسع في الأراضي الفلسطينية كالخلايا السرطانية، فكانت النكبة وقيام الكيان الصهيوني المسخ.
أما اليوم وقد امتلكت المقاومة الناصية الإعلامية من أوسع أبوابها وأصبح لديها محطاتها الفضائية والإذاعية وغيرها من وسائل الإعلام والدعاية، وقادرة أن توصل رسالتها إلى أي مكان في العالم، فقد اختلف الوضع كلياً، فلا الـ(بي بي سي، ولا واشنطن بوست، ولا فوكس نيوز، ولا رويترز، ولا أسوشيتد برس، ولا غيرها) قادرة أن تؤثر في نفوس الشعب الفلسطيني أو اللبناني أو غيره، بل على العكس أصبح تأثير رسالة المقاومة الإعلامية أقوى بكثير من رسالة الاحتلال التي تنشرها الـ بي بي سي وأمثالها.
السابق