الملحق الثقافي-رنا بدري سلوم:
«إنّ القراءة للنفوس حياتها كالجدب يخصب من فرات الماء فاقرأ كتابك إن أردت مكانة فالمجد يحني الرأس للقراء» صدقت يا جبران، هو مجد النّور أمام نفق الظلمة التي نعيش فيها، فكلما قرأنا شعرنا بضعف إدراكنا وأن هناك الكثير من وجوه الحياة بعد لم نطلع عليها، ترتفع ذائقتنا الأدبيّة فنمتلك في كل ما نقرأ جوهرة باهظة الثمن تفتح لنا الضياءات نحو أفق المعرفة التي بها تسمو إنسانيّتنا نحو عُلاها الحقيقيّ، ومن هنا كان لابد أن تكون القراءة عادة يوميّة مثلها مثل أيّ عادة نقوم بها، لا أن تكون في مناسبات سنويّة مؤقّتة، ومع ذلك جميل هذا الاحتفاء بالكتاب في معرضه الثالث في مكتبة الأسد» نقرأ لنرتقي» واستقطاب القارئ بكل فئاته أطفالاً قبل الكبار، وهو أمر في غاية الأهميّة وخاصة أنّ العالم الرقميّ قد سلبنا هذا الأمر فبتنا نتصفّح الكتب الإلكترونيّة قبل الورقيّة وبات العائق الاقتصاديّ يتصدّر المشهد في اقتناء الكتب، وهما سببان يشكّلان عائقاً حقيقياً أمام تكدّس الكتب الورقيّة وانخفاض نسبة القرّاء وارتيادهم إلى المكتبات ومعارض الكتاب.
وبالعودة إلى القراءة، لاحظت الكثير من أصدقائي في العالم الافتراضيّ أنّهم منكبّون على معرض الكتاب كل يوم شرهون للكتاب الذي يشدّهم يتصفّحونه بكل متعة وإن لم يقتنوه!، وهو ما يذكرني بقول للأديب نجيب محفوظ: «انْكَبَّ على القراءة بسرعة وشراهة وأعصاب متوترة…» فتحيّة كل التحيّة لهؤلاء الذين يقرؤون بنور قلوبهم وبصيرتهم كي تتفتح المدارك ويعلو استحقاقهم الذاتيّ نحو العُلا.
العدد 1209 – 15 – 10 -2024