الثورة – ديب علي حسن:
ما جرى منذ يومين من إزالة لبسطات الكتب، أو ما يمكن أن نسميها مكتبات الرصيف امر يدعو لطرح الكثير من التساؤلات التي ربما يعرف الجميع الإجابة عليها..
الإجابة الأولية أن الكتاب ليس عندنا بخير، ولم يعد صاحب المكانة العالية في البيت فلا مكتبات تزين مداخل منازلنا.. ولا قصص استعارة الكتب وتداولها تدور بين الناس.
ولم يعد أحد ما معنياً بترديد مقولة (وخير جليس في الأنام كتاب).
فهل هذا توجه عام في العالم كله ونحن جزء منه؟
بالتأكيد: لا ليس توجهاً عالمياً فالقراءة مازالت بخير بل تزداد عبر وسائل متعددة ونشر الكتاب أيضاً..
ببساطة ما نحن فيه هو نزعة استهلاكية اخذت تتجذر في المجتمع وطغى مفهوم (معك ليرة تساوي ليرة)، الكل يلهث وراء ربح سريع وعمل سريع دون عمق أو انتماء أو هوية.
الطالب في المدرسة أو الجامعة يريد ملخصات، بل ملخص، الملخص والأستاذ الجامعي يرحب بذلك لأنه منتج لها…
المكتبات العامة من المدارس إلى الجامعات شبه خاوية من روادها فلا تجديد لمقتناياتها..
مكتبات دمشق والمحافظات أغلقت أبوابها وحلت الألبسة والأحذية مكان الكتب..
لم يبق في دمشق الا بضع مكتبات تعمل وهي تصارع للبقاء.
كانت مكتبات الرصيف ملاذاً للكتاب وتدويره من القديم إلى الجديد.
من كتب الطبخ الى أعمق الكتب وأروع دواوين الشعر وكتب الفلسفة والفكر..تجد ضالتك إذا ما بحثت جيداً.. حركت سوق الكتاب الجامد لأنها معرض في الهواء الطلق.
ولا نخفي سراً إذا ما قلنا إننا اقتنينا كتبا رائعة منها وكان روادها ينتظرون عطلة الأعياد حتى تفرش الكتب في الساحات ويقتنون ما هم بحاجة إليه.
في صحيفة الثورة منذ عقدين من الزمن طرحنا وتابعنا فكرة إنشاء سوق للكتاب المستعمل وفق مواصفات جميلة .. والمكان مقابل المتحف الوطني فرع نهر بردى المملوء بالنفايات ماذا لو تم سقفه ثم إقامة (أكشاك نظامية موحدة فوقه ) بلون واحد..
طرحنا الفكرة على وزارة الثقافة والمحافظة وغيرهما والكل وعد أن التنفيذ يجب أن يكون والفكرة جيدة.
مكتبات الرصيف في العالم ظاهرة موجودة وضرورية ونحن لسنا خارجه ..
من حق المحافظة التنظيم والعمل ولكن يجب أن يكون البديل جاهزاً…
السؤال المر: هل حقا تمت إزالة المكتبات بالجرافة.. هل يعقل.. ما الرسالة التي تقدمونها وأنتم على بضع خطوات من مكتبة الأسد ودار الأوبرا ومعرض الكتاب السوري؟
دور النشر السورية التي شكلت جيشاً رديفاً وفكرياً في الخارج وكتابها المتألق وصل العالم كله ليس لها مكان في الساحة السورية الا في هذه المكتبات..
أرصفة دمشق في شوارعها لا يمكنك السير عليها من الإشغالات ولاسيما قرب ملعب تشرين هل عجزتم عنها؟
ننتظر أن يخرج مسؤول من محافظة دمشق ويعلن أننا نعمل على سوق كتاب متميز.. لا أن يكون الإعلان ذرا للرماد في العيون وتذروه الرياح كما فعلت بفكرة الأسواق الشعبية.
باختصار: ما جرى وصمة بحق من نفذ والطريقة اللاحضارية..
أحقاً بالجرافة.. ماذا نأمل منكم إذا كان الكتاب أقل قيمة من القمامة عندكم؟