الثورة – رنا بدري سلوم:
صنعتها بيديها، تخاطب بها الأحاسيس والمشاعر، تتقنها وكأنها ستبثّ الرّوح فيها، لا صوت لها إلا صوت الموسيقا الذي يرافقها، خمسون دمية وأكثر في عرض بصريّ حسّي موسيقيّ صامت قامت بصنع ديكوره بنفسها مؤلفة ومخرجة العرض “عد عكسي” هنادة الصبّاغ الذي يقدّم على مسرح الحمراء بدمشق حتى نهاية الأسبوع الحالي برعاية مديرية المسارح والموسيقا “مسرح العرائس”.
تحكي فكرة العرض وكما تقول الصباغ في تصريحها لصحيفة الثّورة :”إنّ بطل العرض شخصيّة من دون اسم، ليرة المتلقّي فيه ذاته، أما الموسيقا فهي من ألحان الفنان سامر الفقير، يعمل في العرض مختصون بأدق التفاصيل فاستخدمنا من الغرافيك ببعض التفاصيل والصور السينمائيّة داخل المسرح”.
يشارك في عرض “عد عكّسي” والكلام للصباغ عشرة ممثلين، منهم طلاب مبتدئون يمتلكون الشغف والحب والهمّة العالية، مؤمنين بالفكرة التي يطرحون وخاصة أنه العرض الثاني منذ عام ٢٠١٧، وإن مسرح الطاولة هو عرض للكبار وليس للصغار كما يهيئ للبعض، لأن فكرة النّص فكرة فلسفيّة يرى فيها الشخص ذاته وهو في خريف العمر برؤية بصريّة للفنان “أدهم سفر”، وتقوم الفكرة على عبرة الفيلم الوثائقي لمراحل العمر ، يبدأ من النهاية إلى البداية أي الرجوع خلفاً ، تبدأ بصور لحظات الموت الأخيرة، تمر بخيال البطل قصص عائلته وزوجته وصور ذكريات الطفولة.
أمّا عن رسالة العرض وبحسب الصبّاغ هي أنّ الحياة قصيرة، ويجب ألا نقع في فخ المبالغة في الإخفاقات والنجاحات، وهو يعد انتحارا بطيئا قد يمر بهذه المرحلة، الحياة جميلة تحمل لحظات سعيدة بمواقف صغيرة وصراعات الخير والشر لكن في النهاية ينتصر الخير والرضا وذكريات أرواح الذينَ غادرونا ولهم بالروح أثرٌ لا يزول،
وقد كتبت الصباغ في بداية كلمة العرض الإهداء ” لكل ذكرياتنا الجميلة ولحظاتنا السعيدة التي لمسنا بها الدفء والصدق.. لصراعاتنا الداخلية والبحث عن ذواتنا.. لكل إنسانٍ يحمل بداخله أحاسيس ومشاعر متناقضة سلبية كانت أم إيجابية.. لإخفاقاتنا ونجاحاتنا.. لبحثنا عن الشعلة الكامنة في أعماقنا لأنَّ بداخلنا شعلةً من النور ستضيء بمرحلة ما..
للفراغ والإحباط والتفاؤل واليقين بزوال كل شيء.. للحظة الراهنة بكل ما فيها من خير وشر، والحياة قصيرة هي عبارة عن محطات محمّلة بصور وذكريات نحاول من خلالها التقاط شعور السّعادة الذي نسعى للبحث عنه كل حياتنا وهو موجود في هذه البساطة بتلك اللحظات القصيرة التي مرّت دون أن نتلمّسها في حاضرها، بل أصبحنا نبحث عنها في ذكريات الماضي”.