الثورة _ رفاه الدروبي:
يحمل معرض التشكيلي بشير بشير طابعاً مختلفاً يبدأ من عنوانه «100 لوحة ولوحة»، ويشمل مئة لوحة صغيرة تتوسطها لوحة بحجم كبير، وضمَّ المعرض تجارب مراحل عمله في الفن التشكيلي لوَّنها بالإكريليك «الحارَّة منها والباردة» حسب مُكوِّنات اللوحة، وبعضها الآخر اقتصرعلى اللونين الأبيض والأسود، عرضها في صالة مصطفى علي الواقعة بين جنبات دمشق القديمة.
التشكيلي بشير رأى أنَّ لكلِّ فنان رؤيته وتجربته الخاصتين، وعليه تطوير أدواته وأسلوبه، ليتمكَّن من صنع هويته الفنية عبر تجارب أخذته بين رسم لوحات لا تشبه الدمشقيات، والطبيعة والآثار، ثم وجد نفسه في عالم الحروف وعالم التأمُّل، وكيفية ربط الحرف بحالة من التجريد، لذا حاول في تجربته بناء الأشكال الواقعية من تراث وأحياء شعبية ضمن واقعنا الحالي، ومن ذاكرة المكان.
ومن خلال شغفه ومخيلته استطاع إدخال الحرف في لوحة تشكيلية مختلفة من حيث الشكل والتكوين والموضوع، محاولاً تجميع أفكاره من المدارس كافة ضمن لوحة واحدة متكاملة، تُعبِّر عن مسرحها الواقعي بتجريد الأشياء من قواعدها، مُخرجاً إياها عن مسارها المعتاد وخلق مسار خاص به يدلُّ على ماهية العمل الفني ومصداقيته، مع الحفاظ على قيم اللوحة باعتماد تكوين مناسب ومتماسك، مُستمداً موضوعاته من الذاكرة السورية، إضافة إلى لوحات غرافيك اقتصرت على اللونين الأبيض والأسود.
فيما زيَّن زوايا معرضه بمجسمات عبارة عن مكعبات بارتفاع متر ألبسها بالقماش الخام، وترك العنان لمخيلته لترسم ريشته عليها بالأسلوب ذاته، مُركِّزاً على أشكال إنسانية وحركات معبِّرة تعكس واقعنا الراهن، ثم أدخل في ثناياها الخط العربي غير المقروء وفق بناء هندسي وزخارف نباتية، مستمدَّة من فن الأرابيسك مع الخط العربي ليُكوِّن تشكيلاً بين اللوحة واللون.
لكنَّه تفرَّد بلوحة جدارية كانت عبارة عن بوَّابة دخول تحمل في ثناياها كلَّ مقومات العمل الفني من ذاكرة بصرية ورؤية، فكوَّنت عملاً فنياً متكاملاً تحمل في أجزائها كلَّ اللوحات، معتبراً الحرف العربي للغة الضاد ينتقل من النقطة، ويتفرَّد بالليونة والانحناءات وأي شيء يُشكِّل الحرف العربي بتكويناته الجميلة.