المهزوم من الداخل لا يستطيع أن يشعر بالأمان مهما بلغت الوحشية والإجرام لديه، ومهما امتلك من قوة عسكرية وتسليحية وتدميرية، ولا يمكن أن ينتصر مهما اصطف أمامه وخلفه من الداعمين والحامين ببوارجهم ومنظوماتهم الهجومية والدفاعية، وبكل ما يملكون من قدرات عسكرية واستخباراتية واقتصادية وتقنية ونفاق سياسي وإعلام تضليلي، لأن الخوف من مصيره المحتوم يبقى هو المسيطر على عقله وتفكيره بالرغم من كل وسائل الحماية التي ذكرناها، بينما المنتصر من الداخل حتى ولو افتقد كل الوسائل المادية التي تساعده على الانتصار، فالنصر حليفه ولو طال الزمن.
هذا هو حال الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، وهذا هو قدر الشعب الفلسطيني الذي يواجه وحشية عصابات الاحتلال منذ عشرات السنين بإيمانه الثابت بعروبة أرضه وبحقوقه المشروعة غير قابلة للتصرف، والمكفولة دوليا وقانونيا.
اليوم وبعد اكثر من سنة على حرب الابادة الجماعية التي يرتكبها رئيس حكومة العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو في قطاع غزة والضفة الغربية، والتي راح ضحيتها حتى اليوم 43020 شهيداً وأكثر من 100 ألف جريح وآلاف المفقودين والمغيبين، مستخدما فيها كل الوسائل بما فيها التجويع والتعطيش، ناهيك عن التدمير الممنهج للمدن والبلدات والقرى الفلسطينية وللبنى التحتية وخاصة المشافي التي خرجت معظمها من الخدمة، وذلك في محاولة مستميتة منه لتحقيق اي شيء يعتبره نصرا من وجهة نظره، إلا أنه ينتقل من فشل إلى آخر، والهزيمة تتعمق أكثر فأكثر في داخله وداخل شركائه في الجريمة، وفي نفوس ضباطه وجنوده، والأمراض النفسية التي يعاني منها الآلاف منهم تشهد على ذلك، وهذا ان دل على شيء فهو يدل على هزيمتهم من الداخل وكل المجازر والدمار والخراب الذي ارتكبوه في الاراضي الفلسطينية وفي لبنان اليوم واعتداءاتهم على سورية وايران واليمن، كل ذلك لم يجلب لهم سوى المزيد من الخوف والفزع على مصير كيانهم المتهالك، والذي أصبحت نهايته قريبة جداً، وهم يعرفون ذلك جيداً أكثر من غيرهم.