أحلام مستغانمي شخصية العام الثقافية في معرض الشارقة للكتاب: هل تغتال وسائل التواصل الإبداع؟

الثورة – الشارقة – سعاد زاهر:

“على مدى نصف قرن زهدت في كثير من الجوائز والتكريمات، لقناعتي أن قيمة الكاتب ليست في الجوائز التي يحصدها، بل في القضايا التي يدافع عنها، لكني تمنيت هذا التكريم بالذات، لأن الشارقة صنعت من الكتاب قضية، وتفوّقت في ذلك على كبرى المعارض الدولية”.
بعض مما قالته الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي التي يحتفي بها معرض الكتاب في الشارقة باعتبارها شخصية العام الثقافية.
وتابعت مستغانمي: “كسبت الكثير من المحبة، وأتوقع أنني سأخلد في قلوب قرائي، لأنهم سيذكرون أنني أحببتهم بصدق ودون سؤال”، لكنها في الوقت نفسه كشفت عن خسارتها الكثير من الكتب والراحة بسبب العالم الافتراضي، مشيرة إلى أن هذا العالم لم يعد يسمح لها بالكتابة بالنفس الطويل والمتواصل الذي أبدعت به “ذاكرة الجسد”؛ لأن الحياة مع وسائل التواصل أصبحت مختلفة تماماً عما كانت في السابق.
جاء ذلك في لقاء مع الكاتبة والروائية الجزائرية أحلام مستغانمي، شخصية العام الثقافية للدورة الـ43 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، أجابت خلاله عن سؤال الجلسة “هل وسائل التواصل تخدم الإبداع أم تغتاله؟”، وحاورتها الإعلامية الدكتورة بروين حبيب.
وفي حديثها عن العلاقة المتشابكة بين الإبداع والخصوصية، تطرقت الروائية أحلام مستغانمي إلى جانب آخر من تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على حياتها الأدبية والشخصية، إذ أكدت قائلة: “أنشر ما هو في متناول الجميع، وأتحاشى الصور الاستعراضية التي تجعل قارئي يشعر باختلافي عنه، فالقارئ يحب كاتباً بالذات لأنه يشبهه لا لأنه يبهره، ذلك دور النجوم”، وأشارت إلى أن القارئ لا يرى دائماً الصورة بعين الكاتب، مستشهدة بصورة شاركتها من شرفة منزلها بإطلالة على البحر، فرأى القراء في ذلك المنظر محفزاً للإبداع، لترد قائلة: “الكاتب لا يحتاج إلى إطلالة على منظر جميل، بل إلى مكان يطلّ فيه على نفسه، يحتاج إلى نظرة صادقة في أعماق النفس، فأعظم الأعمال الإبداعية كتبت في السجون لأنها تأتي من تأمل الداخل”.
وأضافت “مستغانمي”: إن الكاتب في الماضي كان يحتفظ بمسافة مع قارئه، الذي لم يكن يهتم بالتفاصيل الشخصية، كالوضع المالي أو نمط حياة الكاتب، وهل هو يعيش ما يكتبه أم حياته تخالف كتاباته، مستشهدة برواية “البؤساء” التي لم يتدخل فيها القارئ بحياة فيكتور هوغو الذي كان ثرياً، أما الآن، في زمن وسائل التواصل الاجتماعي فإن القارئ، كما عبّرت مستغانمي، “يتلصص ويتجسس، يريد أن يتأكد إلى أي حد يشبه الكاتب كتاباته” بعد أن أتاحت له وسائل التواصل اختراق خصوصيته، وإمكانية الحكم عليه مع كل منشور.
قرابة الحبر أقوى من قرابة الدم
وتحدثت مستغانمي عن أعظم مسؤولية يتحملها الكاتب، وهي كسب ثقة القراء، مشيرة إلى أنها تزن كلماتها بعناية وتفكر ملياً في خطواتها؛ لأن الثقة التي تُبنى عبر الزمن يمكن أن تُفقد في لحظة واحدة. وأكدت عمق هذا التحدي قائلة: “أصعب شيء أن تكون عند حسن ظن الأموات، فالحي يمكنك أن تعتذر له، لكن من مات وأخطأت في حقه، لا يمكنك تصحيح خطأك معه”، مضيفة “إن احترام ذكرى الأموات من الكتاب الذين عرفناهم، وعدم استباحة إرثهم هو واجب أخلاقي”.
وتطرقت إلى الجانب الإيجابي من تواجدها على وسائل التواصل الاجتماعي، وأتاح لها ذلك التعرف على من تتوجّه إليهم بعد أن كانت تكتب سابقاً لقارئ مجهول، مما جعل “سجلها العائلي” الأدبي يضم الملايين، معتبرة أن “قرابة الحبر أقوى من قرابة الدم”. إلا أن هذا القرب وهذه “القرابة” أوجدت لها واجبات جديدة؛ إذ يستنجد بها بعضهم لمشاركة تفاصيل مؤلمة وشخصية من حياتهم، فهي هنا لتقديم “الإسعافات الأولية” لمن يستنجد بها، برغم العبء النفسي الذي يتركه على حياتها.
وأشارت مستغانمي إلى مقولاتها التي أصبحت متداولة على وسائل التواصل، موضحة أنها لم تتعمد إعداد تلك العبارات، بل إنها تكتب بتلقائية ودون تخطيط لأن تصبح جملها “مانشيتات” أو مقولات أيقونية. وقالت: “منذ (ذاكرة الجسد) شرع القراء بأخذ جمل من رواياتي وتحويلها إلى عبارات هي خلاصة فكرة أو تجربة، وهي مقولات تعيش لأنها تشبه القارئ وتلامسه في حقيقته”.
واستشهدت بتجربة الشاعر نزار قباني الذي قال لصديق تعجب من رؤية ما سطر من جمل عند قراءته لذاكرة الجسد: “أسطر الجمل التي كتبتني فيها أحلام”، معتبرةً أن هذه المقولات التي يستخدمها العشاق وأصحاب القضايا هي التي كتبتهم فيها، وهو ما سيمنحها حياة أطول.
وتحدثت مستغانمي عن واحدة من أبرز سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتعرض الكاتب لتحريف أقواله أو تنسب إليه أقوال لغيره لم يقلها وصرحت بقولها: “أفضل أن تنسب أقوالي لشخص آخر على أن ينسب لي ما لم أقله”، وتذكرت “مستغانمي” في هذا الشأن حادثة طريفة عندما اكتشفت أن إحدى عباراتها عن أزمة المثقف قد نسبت إلى الأديب الإنجليزي الشهير شكسبير، وهو ما لا يمكن أن يكون لأن موضوع المثقف لم يكن مطروحاً في زمانه. وهذا يبرز مدى التشويش الذي يمكن أن يحدث عبر هذه المنصات، لأن معظم القراء يستمدون معلوماتهم من الإنترنت لا من الكتب.
وحول نظرتها للفائدة المادية من وسائل التواصل الاجتماعي وتزايد عدد المتابعين، أكدت مستغانمي أن الاستفادة المادية لم تكن يوماً هاجساً لها، رغم أنها تعيش في “زمن الأرقام” ويستثمر كل شيء، وقالت: “لا أترفع عن المكاسب والمال، لكن لكل مكسب مقابل، عليك أن تختاري: هل تقدمين حساباً للتاريخ أم لحسابك المصرفي؟ هل تريدين الخلود أم مكسباً فورياً؟” وأشارت إلى أن بعض الشركات المشهورة قدمت لها عروضاً مغرية، لكنها ككاتبة لا يمكنها أن تساوم على اسمها مقابل عقد أو ربح سريع.
وأضافت: “يقال ليس للمال رائحة، لكنه يفسد رائحة كل شيء، فما بالك حين يختلط بالأدب”، وأوضحت أنها لا تلوم المشاهير والنجوم والإعلاميين الذين يركزون على اللحظة الحالية، غير معنيين بما سيكتب عنهم، شخصياً يصيبني الرعب من التاريخ، وخسرت الكثير من أجل أن أكسب تاريخي”.
وأضافت مستغانمي: “قد أسعد ببعض العروض المالية أحياناً، لكن ضميري أقسى علي من أعدائي، فأحاسب نفسي كل يوم وكأنني عدوة نفسي”. وتابعت بأنها موجودة لتمنح جمهورها شيئاً حقيقياً لا لتأخذ منهم شيئاً، وذكرت موقفاً مؤثراً عندما كتبت لها قبل سنوات إحدى المتابعات: “ليس لي بعد الله إلا أنت”. فراحت تسأل عنها وكانت السيدة من غزة، منذ ذلك الحين، شعرت أنها مسؤولة عن الرد والتواصل معها، واستمرت في الوقوف إلى جانبها لسنوات، إيماناً بأن الرسالة الحقيقية تكمن في العطاء الصادق.

آخر الأخبار
جولة ثانية من المفاوضات الأمريكية- الإيرانية في روما أردوغان: إسرائيل لا تريد السلام والاستقرار في المنطقة جنبلاط: هناك احتضان عربي للقيادة السورية واقع مائي صعب خلال الصيف المقبل.. والتوعية مفتاح الحل برسم وزارة التربية النهوض بالقطاع الزراعي بالتعاون مع "أكساد".. الخبيرة الشماط لـ"الثورة": استنباط أصناف هامة من القمح ... بقيمة 2.9مليون دولار.. اUNDP توقع اتفاقية مع 4 بنوك للتمويل الأصغر في سوريا حمص.. حملة شفاء مستمرة في تقديم خدماتها الطبية د. خلوف: نعاني نقصاً في الاختصاصات والأجهزة الطبية ا... إزالة مخالفات مياه في جبلة وصيانة محطات الضخ  الألغام تهدد عمال الإعمار والمدنيين في سوريا شهادة مروعة توثق إجرام النظام الأسدي  " حفار القبور " :  وحشية يفوق استيعابها طاقة البشر  تفقد واقع واحتياجات محطات المياه بريف دير الزور الشرقي درعا.. إنارة طرقات بالطاقة الشمسية اللاذقية.. تأهيل شبكات كهرباء وتركيب محولات تفعيل خدمة التنظير في مستشفى طرطوس الوطني طرطوس.. صيانة وإزالة إشغالات مخالفة ومتابعة الخدمات بيان خاص لحفظ الأمن في بصرى الشام سفير فلسطين لدى سوريا: عباس يزور دمشق غدا ويلتقي الشرع تأهيل المستشفى الجامعي في حماة درعا.. مكافحة حشرة "السونة"