تلجأ كل دول العالم باستثناء عشر دول منها إلى تقديم وتأخير الساعة لأسباب اقتصادية حيث يُسهم ذلك في توفير الطاقة من خلال الاستفادة من ضوء النهار ولأسباب خدمية تهدف لتخفيف الازدحام وتنظيم حركة المرور الدولية ولا سيما في قطاع النقل الجوي.
أما لماذا ترفض بعض الدول تقديم وتأخير الساعة فهذا حتى الآن غير معروف ولأن بعض الدول لم تجد تفسير لذلك فقد عادت إلى تغيير التوقيت كحال مصر التي توقفت لسبع سنوات ثم عادت لتقديم وتأخير الساعة العام الماضي.
بالنسبة لنا فلا الكهرباء ولا الازدحام ولا الرحلات الجوية تتأثر بذلك بظل كهرباء تأتي ساعة كل خمس ساعات أو أقل من ساعة، ولا الازدحام بظل أزمة خانقة تعبّر عنها التجمعات الكبيرة في مراكز الانطلاق وعلى مفارق الطرق، ولن تتأثر كذلك حركة النقل الجوي لعدة طائرات عددها أقل من عدد أصابع اليد الواحدة.
أما من يتأثر بذلك فهو المواطن الذي يستيقظ على كهرباء مقطوعة، ويخرج بالظلام من المنزل قبل بدء العمل بوقت طويل ليظفر بوسيلة نقل للوصول إلى عمله، الأمر لا يرتبط فقط بطلاب المدارس الذين تعتبر مدارسهم قريبة من السكن نوعاَ ما، المشكلة عند طلبة الجامعات والمعاهد وقاطني الأرياف الذين يعملون في المدن، فهؤلاء يخرجون من منازلهم قبل الساعة السادسة إلى شوارع مظلمة تنتشر فيها الكلاب الشاردة يرافقهم الخوف من مضايقات أو نظرات عابرين تعيد إلى عقولهم سيرة الحوادث التي انتشرت في شوارعنا مؤخراً.
لا أحد من المعنيين يشعر بذلك، ولا أحد منهم يخرج يومياً مع ابنته ليوصلها إلى الموقف وينتظر معها لحين وصول وسيلة النقل، ولا أحد يراقب قلق الأمهات المرافقات لأولادهن.
في الثمانينات وصلت شكاوى كثيرة عن سوء صناعة الرغيف ولم يتحرك أحد إلى أن تفاجأ عدد من أعضاء القيادة والوزراء والمعنيين إلى دعوة للاجتماع مع القائد المؤسس في الثامنة صباحاً، وما حصل أنه بعد أن حضر الجميع إلى القاعة قام عدد من الأشخاص “كما نقل بعض الحضور” بتوزيع ربطة خبز لكل مسؤول وقيل لهم تأكلون اليوم من هذا الخبز حصراً.. انتهى الاجتماع.. في اليوم التالي خرجت الأفران بخبز ليس له مثيل، وفي الخلفية أن القائد المؤسس كان قد طلب إحضار ربطة خبز من كل فرن وهي التي تم توزيعها.
لو أن المسؤولين يخرجون يومياً من السادسة من منازلهم لكان تم تأخير الساعة، ولكانت حُلّت مشكلة النقل ولو بشكل جزئي كي لا ننكر الحصار والعقوبات على القطاع النفطي وغيره من القطاعات.
تأخير الساعة لا يقدم شئ للاقتصاد وتقديمها لا يؤخر الناس عن عملهم.