الملحق الثقافي-علم عبد اللطيف:
بعد الغريب وعالٍ هذا السرج.. وتيمُّناً بالورد.. تًكمل الشاعرة سعاد محمد أركان بيتها الشعري.. بركن رابعٍ.. هو نذورٌ للغزال.
الديوان صادر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق ٢٠٢٤.
سعاد تقوم بتأسيس الزاوية الرابعة في عمارتها الشعرية استجابةً لمقتضيات الهندسة الفنية والابداعية لديها، التي ابتدأت بإشادتها في أعمالها الثلاثة السابقة، فتقدم ثلاثة وأربعين عنواناً لقصائدها في نذور للغزال.
تفتتح النصوص بسوريا عنواناً لأول قصيدة في المجموعة، لأنها كما تقول( دمغةُ الإله على جلد الأرض..). وهي (عين العراقة.. وبقية الأمم في الرموش..مربية للتاريخ إن صلح.. ).. وهي (البطلة في رواية الزمان.. تتنزه في صفاتها الأيام لتنتقي منها أفعال الكياسة..) فعلقت من جهتها عليها نجمة قصيدة.
(الأحد رخام الأبد.. مشى عليه بقدمين من يمام.. وأجراس توت شامي يداه.. والسبت نفض الحزن عن عينه.. وزع مكانه أشجار المرحبا.. وباقي الأيام.. سياحٌ في الجهات المشمسة..)
هكذا تراها الشاعرة، وهكذا تعلق على صدرها قصيدتها.
تتابع في نصوصها اللاحقة..(نحن سكان هذه البقعة الشعورية.. نعيش كبسمة تفتحت على البكاء.. يُرهبنا عبوسُ اللحظة أكثر من بشاشة المقبرة..)
تخصص الشاعرة جزءاً خاصاً في المجموعة لنذور للغزال. عنوانا رئيساً لمجموعة قصائد.. تفتتحها برؤى قمرية.
(وعرُ الطباع.. لكن خلوق. كغزال مُراشٍ بقصيدة.. مسافرٌ أبدي يصل على مراتب.. يسوّرني بأسجافٍ من موسيقا.. يتنشّق صمتي.. ويشرب عطشَ يديّ حتى يصلَ إليّ.. فيرقص على أقدس أحزاني.. إنه الليل.. سلطانٌ ويتسوّل.. يقف على أوجاعنا حتى يموء علينا الحجر.. ويصرخ.. إن لم تحزنوا لن تحلموا..)
في مجموعة نذور للغزال.. تتابع سعاد محمد فتوحاتها في أرض القصيدة.. تقدم نصوصاً متجددة التشكيل. ركناً راسخاً رابعاً في بنيانها الشعري يقدم دلالة علو كعبها.. تبتعد قليلاً عن سَريَلة الجملة الشعرية بانزياح المفردات.. وتقترب من سهل ممتدٍ وارف.. ممتنعٍ على غزو الغموض والإيهام.. منفتحٍ لسياحة مرفّهة في جهات قصائدها المشمسة..
سعاد الشاعرة.. تعرف كيف تطور قصيدتها الحداثية.. تطعّمها بشجاعة الداخل يمدّ يديه إلى خارج غنيّ لصيق.. فيتناغم تلاقيها مع إيقاعات الشعر العالي الشجاع.
أبارك للشاعرة سعاد إبداعها.. وجهدها..وديوانها الجديد.. وأرى الشعرَ يباركها بسرب نجوم تتنزّل بين يديها قصائد.
العدد 1215 – 26 – 11 -2024