الملحق الثقافي- ديب علي حسن:
قبل أن تسارع إلى الظن أن المفردة (زعبر) عامية أخبرك أنها وردت في لسان العرب، وقد جاء في معناها أنها ضرب من السهام.
لم يزد على ذلك ولم يبين هل يعني أصل السهام أم ماذا ؟
بكل الأحوال أخذت المفردة معنى جديداً في الاستخدام إذ نقول (كلام زعبرة) يعني لا صحة له ولا يحمل فائدة جديدة وربما نقصد أنه لملمة من هنا وهناك.
هذه الحال تنطبق على المشهد النقدي والثقافي والإبداعي اليوم.
فهو أقرب في الكثير منه إلى الزعبرة والبهتان …أمس كنا وزميل لي في نقاش حول شعر أحدهم فقال: تقرأ شعره فلا تجد له معنى ولا قيمة جمالية.
ولكن يأتي ناقد ما يصول ويجول ويقدم قراءات في شعره تظن أنه المتنبي …ما السر في ذلك ؟
السر في ذلك أن هذا الناقد القارىء منافق وكاذب وثرثري ومزعبر ويبني نقده على أفكاره هو لا على النص بمعنى أخر هي حالة استعراض لقدرة الناقد على معمارية الكلام على نص لا قيمة له.
وذكرت له حالة جرت منذ أكثر من ثماني سنوات…شاعرة كتبت على صفحتها بالعدد الدقيق (٥٠ كلمة) على أنها نص طازج خرج مع صورتها الجميلة المرافقة والتي لعبت فيها أدوات الفوتوشوب حتى …
بعد يومين جاءني مقال من ناقد عراقي…نعم عراقي بـ٣٠٠٠ كلمة قراءة جمالية ونقدية في هذا النص…
وحين كنت أجبت بطريقة سلسة جميلة مع الاعتذار أن هذا كثير جداً، ويحتاج إلى صفحتين في أي صحيفة وأضفت: حقيقة هذا بوح عابر لا يحتمل أكثر من كتابة ثلاثة أسطر غضب الناقد وقال (أنت وأمثالك لا تفهمون معنى الحداثة).
حقيقة وقتها لم تكن الحداثة قد وصلت إلى (الجينز المشخلع ولا إلى أن يكون لكل شاعرة ناقد أو نقاد يواكبون مسيرتها الإبداعية بالمزيد من التعليقات والإعجابات).
في الواقع كلنا تحت سطوة التأثيرات هذه ولكن لنحاول قدر الإمكان أن نخفف من (زعبراتنا قليلاً).
لن ننكر أن هناك مبدعات على مستوى عال جداً ومن الواجب أن نكون الصوت الذي يضيء على إبداعهن.
أما المبدعون الرجال (الله يرزقكم ناقدات يقعن في حب إبداعكم).
العدد 1215 – 26 – 11 -2024